وقال ابن الأثير (^١): وكان حسن الاتفاق مع أخيه الملك العادل نور الدين، كثير المساعدة له والإنجاد بنفسه وعسكره وأمواله؛ حضر معه المصاف بحارم وفتحها وفتح بانياس (^٢). وكان يخطب له في بلاده باختياره من غير خوف. وكان إحسانه إلى أصحابه متتابعًا، من غير طلب منهم ولا تعريض. وكان يبغض الظلم وأهله، ويعاقب من يفعله.
مجد الدين أبو بكر بن الداية؛ رضيع نور الدين محمود، مات في هذه السنة. وكانت حلب، وقلعة جعبر (^٣)، وحارم إقطاعه، فأقر نور الدين أخاه علىَّ بن [الداية] (^٤) على إقطاعه، وكان موته بحلب في شهر رمضان. وكان نور الدين حينئذ محاصرًا الكرك، وبلغه قصد الفرنج من الساحل، فرحل عنها، وقصد لقاءهم، فلم يقفوا له. ثم بلغه وفاة مجد الدين بن الداية، فاشتغل قلبه به؛ لأنه كان صاحب أمره. ودفن مجد الدين بحلب، وكان من أكابر أمراء نور الدين، وكان شجاعًا دينًا، بني بحلب خانكاه (^٥)، وهي باقية إلى هلم جرا. ولما مات مجد الدين، قدم نور الدين على العساكر سابق الدين عثمان بن الداية أخا مجد الدين، وأعطى أولاده بعلبك.
أمير حاجب (^٦) العمادي؛ مات في هذه السنة، وكان إقطاعه تدمر (^٧) وبعلبك.
_________
(^١) نقل العينى هذا النص بتصرف من الباهر، ص ١٤٩.
(^٢) بانياس: اسم لبلدة صغيرة من أعمال دمشق، وهي على مرحلة ونصف من دمشق من جهة الغرب بميلة إلى الجنوب. انظر: تقويم البلدان، ص ٣٤٩؛ وصبح الأعشي، ج ٤، ص ١٠٤.
(^٣) قلعة جعبر: على الفرات بين بالس والرقة، قرب صفين. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٨٤.
(^٤) "على بن مجد الدين" في نسختى المخطوطة أ، ب وهو خطأ. وأولاد الداية خمسة هم: سابق الدين عثمان، شمس الدين على، بدر الدين حسن، بهاء الدين عمر، أبو بكر وهو أكبرهم واسمه محمد. انظر: الروضتين ج ١ ق ٢، ص ٣٨٧ - ٣٨٩ حيث أورد أبو شامة شعرًا في أولاد ابن الداية عن العماد الكاتب؛ وانظر أيضًا: النعيمي: الدارس، ج ٢، ص ٢٩٥.
(^٥) خانكاه حلب: ذكر كرد على في خطط الشام أن مجد الدين أنشأ خانقاتين إحداهما بعرصة الفراتي، والثانية بمقام إبراهيم. انظر: خطط الشام، ج ٦، ص ١٤٥.
(^٦) لم ترد: وظيفة أمير حاجب في المصادر المتخصصة كصبح الأعشي، ونهاية الأرب في فنون الأدب، وإنما وردت وظيفة حاجب الحجاب على وزن أمير جاندار وأمير سلاح. انظر: صبح الأعشي، ج ٤، ص ١٩، ج ٥، ص ٤٤٩.
(^٧) تدمر: مدينة قديمة مشهورة في برية الشام. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٨٢٨.
1 / 49