يا يوسف الحسنِ والإحسانِ يا ملكًا … بجدِّهِ صاعدًا أَعداؤه هَبَطوا
حللتَ من وَسَطِ العلياءِ في شَرَفٍ … ومركزُ الشَّمسِ من أَفلاكِها الوَسَطُ
هُنِّيتَ صونكَ دمياطَ التي اجتمعتْ … لها الفرنجُ فلا (^١) حَلُّوا ولا رَبَطوا
مصرٌ بيوسفِها أَضحتْ مشرَّفةً … وكلُّ أَمرٍ لها بالعدلِ مُنْضَبِطُ
وحينَ وافى صلاحُ الدِّينِ أَصلحَها … فللمصالحِ من أَيامه نَمَطُ
ذكر بقية الحوادث
منها أنه أبطل من الآذان بمصر "حي على خير العمل" (^٢). وأمر صلاح الدين أن يذكر في الخطبة أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ ﵃.
ومنها أن شهاب الدين [محمود بن إلياس] (^٣) بن إيلغازي بن أرتق، صاحب قلعة البيرة (^٤)، سار في عسكره -وهو مائتا فارس- إلى نور الدين وهو بعشترا (^٥). فلما وصل إلى قلعة اللبؤة (^٦) من عمل بعلبك (^٧)، ركب متصيدا فصادف ثلاثمائة فارس من الفرنج، قد شنوا الإغارة على بلاد الإسلام، فاتقعوا، واقتتلوا، فانهزم الفرنج. وأكثر شهاب الدين فيهم القتل والأسر، فلم يفلت منهم إلا من لا يُعتد به، وسار شهاب الدين برؤوس القتلى إلى نور الدين، فركب نور الدين والعسكر للقائه، وكان في جملة تلك الرؤوس رأس مقدم الإستبار (^٨)، صاحب حصن الأكراد (^٩)، وكان من الشجاعة بمحل كبير، ولأنه
_________
(^١) "فما" في الروضتين، ج ١، ق ٢، ص ٤٦١.
(^٢) انظر تفصيل ذلك في ابن العديم: زبدة الحلب، ج ٢، ص ٦٧٢ - ٦٧٥، دمشق ١٩٥٤ م؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٧٨.
(^٣) في الأصل محمد بن أيلغازي؛ وفي الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٧١ "محمد بن إلياس"، والمثبت بين الحاصرتين من الباهر، ص ١٤٥؛ وانظر: زامباور: معجم الأنساب والأسرات الحاكمة، ج ٢، ص ٣٤٦ - ٣٤٧، القاهرة ١٩٥١ م.
(^٤) قلعة البيرة: هي قلعة حصينة لها رستاق واسع وهي بين بيت المقدس ونابلس. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٧٨٧.
(^٥) عشترا: موضع بحوران من أعمال دمشق. معجم البلدان، ج ٣، ص ٦٧٩.
(^٦) "قرية اللبوة" في الباهر، ص ١٤٥؛ انظر أيضًا ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق، ص ٢٣٥، حيث تكلم عن حصن اللبؤة والرأس بالتفصيل، وذكر أنهما من أعمال بعلبك.
(^٧) بعلبك: مدينة قديمة فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة، بينها وبين دمشق ثلاثة أيام. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٦٧٣.
(^٨) الإسبتار - الإستبار: أطلق المؤرخون المسلمون هذا اللفظ على فرسان جمعية الهسبتاليين Hospitaliers وقد تأسست هذه الجمعية سنة ١٠٩٩ م بعد استيلاء الصليبيين على بيت المقدس. عن هذه الجمعية انظر: المقريزي: السلوك، ج ١ ق ١، ص ٦٨، القاهرة ١٩٣٤ م.
(^٩) حصن الأكراد: حصن منيع حصين على الجبل الذي مقابل حمص من جهة الغرب وهو جبل الجليل، وهو بين بعلبك وحمص. معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٧٦.
1 / 39