وإذا طبقنا هذه القواعد على العينى نجده كوكب عصره، وشيخ معاصريه وإمامهم، وهذا بشهادة هؤلاء المعاصرين وغيرهم. فالمؤرخ ابن تغري بردي يصفه بقوله "فريد عصره وعمدة المؤرخين (^١) ".
والسخاوي يقول فيه "كان إمامًا عالمًا علامة، عارفًا بالتصريف والعربية وغيرها، حافظًا للتاريخ واللغة، كثير الاستعمال لها، مشاركة في الفنون، لا يمل من المطالعة والكتابة" (^٢).
وقد ركز الشوكاني (^٣) على عطاء العيني العلمي، فقال: "وانتفع به الناس وأخذ عنه الطلبة من كل مذهب". وابن العماد الحنبلي يقول عنه: "كان فصيحًا، عارفًا للغتين العربية والتركية، قرأ وسمع ما لا يحصى من الكتب والتفاسير، وبرع في الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والتصريف والتاريخ، وكان أحد أوعية العلم، وأخذ عنه ما لا يحصى" (^٤).
واللكنوي، يصف العينى بأن له "سعة نظر في الفنون كلها" (^٥).
ويستشف مما سبق أن العيني كان جهبذ عصره، ولم يصل إلى هذه المرتبة إلا بعد أن قطع شوطا طويلا صنع من خلاله هذا النجاح، ولعل من عوامل ذلك رحلاته العلمية وما شاهده من خلالها، فضلا عن التراكمات التراثية التي حصلها من شتى فنون المعرفة التي اطلع عليها ويأتي في مقدمة هذه المصادر، علوم القرآن الكريم والتفسير، التي كانت المنهل الذي استقى منه العيني ثقافته، وشكلت تكوينه العلمي والأدبي. وقد تفاعل العيني مع كل العلوم التي درسها؛ وكان من نتيجة ذلك أن بدأ مشوار حياته مبكرا في التأليف في أغلب فنون عصره، فكان من أهم المصنفات التاريخية التي كتبها: "عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان"، "السيف المهند في سيرة الملك المؤيد أبي النصر شيخ"، "سيرة الملك الأشرف"، "الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر ططر"، "الجوهرة السنية في تاريخ الدولة المؤيدية"، وله بالتركية "تاريخ الأكاسرة" (^٦). كما كان له "تاريخ
_________
(^١) ابن تغري بردي: الدليل الشافي، ج ٢، ص ٧٢٢، ترجمة رقم ٢٤٦٥.
(^٢) السخاوي: الضوء اللامع، ج ١٠، ص ١٣٣.
(^٣) الشوكاني: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، ج ٢، ص ٢٩٤ - ٢٩٥.
(^٤) ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج ٧، ص ٢٨٧ - ٢٨٨.
(^٥) اللكنوي: الفوائد البهية في تراجم الحنفية، ص ٢٠٨.
(^٦) الزركلي: الأعلام، ج ٧، ص ١٦٣.
1 / 25