Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Daabacaha
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م
Goobta Daabacaadda
لبنان
Noocyada
Fiqhiga Xanafiyada
وَسَبَبُ الشَّكِّ تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ فِي إبَاحَتِهِ وَحُرْمَتِهِ، أَوْ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ ﵃ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ.
ــ
[العناية]
الْأَتَانِ وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ.
وَقَوْلُهُ: (وَسَبَبُ الشَّكِّ تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي سَبَبِ الشَّكِّ فِي سُؤْرِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ (فِي إبَاحَتِهِ وَحُرْمَتِهِ) فَإِنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ غَالِبَ بْنَ أَبْجَرَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: لَمْ يَبْقَ لِي قَالَ إلَّا حُمَيْرَاتٍ، فَقَالَ ﵊: كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ» وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا لَا يَقْوَى؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ حَرَامٌ بِلَا إشْكَالٍ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ فَغَلَبَ الْمُحَرِّمُ عَلَى الْمُبِيحِ. كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ وَآخَرُ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ: فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ فَكَانَ لَحْمُهُ حَرَامًا بِلَا إشْكَالٍ وَلُعَابُهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْهُ فَيَكُونُ نَجِسًا بِلَا إشْكَالٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ نَجَاسَةَ لَبَنِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَالْجَوَابُ بِالِالْتِزَامِ فَإِنَّهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ نَجِسٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي طَهَارَتِهِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّوَضُّؤَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالتَّوَضُّؤِ بِهِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَأَوْجَبَ شَكًّا.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَكِنْ هَذَا لَا يَقْوَى؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ لَا يُوجِبُ الْإِشْكَالَ كَمَا فِي إنَاءٍ أَخْبَرَ عَدْلٌ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَخْبَرَ آخَرُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَإِنَّ الْمَاءَ لَا يَصِيرُ مُشْكِلًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ وَقَدْ اسْتَوَى الْخَبَرَانِ فَكَذَا هَذَا، ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ دَلِيلَ الشَّكِّ هُوَ التَّرَدُّدُ فِي الضَّرُورَةِ، فَإِنَّ الْحِمَارَ يُرْبَطُ فِي الدُّورِ وَالْأَفْنِيَةِ فَكَانَ فِيهِ الضَّرُورَةُ إلَّا أَنَّهَا دُونَ ضَرُورَةِ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ لِدُخُولِهِمَا الْمَضَايِقَ دُونَ الْحِمَارِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ أَصْلًا كَانَ كَالسِّبَاعِ فِي الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ بِلَا إشْكَالٍ، وَلَوْ كَانَتْ الضَّرُورَةُ كَضَرُورَتِهِمَا كَانَ مِثْلَهُمَا فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ، وَحَيْثُ ثَبَتَتْ الضَّرُورَةُ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَاسْتَوَى مَا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ وَالنَّجَاسَةَ تَسَاقَطَا لِلتَّعَارُضِ وَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى الْأَصْلِ.
وَالْأَصْلُ شَيْئَانِ: الطَّهَارَةُ فِي جَانِبِ الْمَاءِ، وَالنَّجَاسَةُ فِي جَانِبِ اللُّعَابِ؛ لِأَنَّ لُعَابَهُ نَجِسٌ كَمَا بَيَّنَّا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَبَقِيَ الْأَمْرُ مُشْكِلًا نَجِسًا مِنْ وَجْهٍ طَاهِرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَكَانَ إشْكَالُ سُؤْرِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا بِهَذَا الطَّرِيقِ لَا لِإِشْكَالِ لَحْمِهِ وَلَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي سُؤْرِهِ، هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
وَهَاهُنَا نُكْتَةٌ لَا بَأْسَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَنَّ طَهَارَةَ اللُّعَابِ وَنَجَاسَتَهُ دَائِرَتَانِ عَلَى طَهَارَةِ اللَّحْمِ وَنَجَاسَتِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّجَاسَةِ النَّجَاسَةَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَانَتْ الشَّاةُ مُسَاوِيَةً لِلْكَلْبِ فِي أَنَّ لَحْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَجِسٌ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَكَذَلِكَ فِي أَنَّ لَحْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَاهِرٌ بَعْدَ الذَّبْحِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي
1 / 115