عاد إبراهيم الصباغ أول أمس مع ساري عسكر. وقال لي: إن بونابرته في مدة إقامته بالسويس صار يركب ويتأمل في النواحي وجهات ساحل البحر والبر ليلا ونهارا، وكان معه من الأدم ثلاثة طيور دجاج محمرة ملفوفة في ورق، وليس معه طباخ ولا فراش ولا فرش ولا خيمة، وكل شخص من عسكره معه رغيف كبير مرشوق في طرف حربته يتزود منه، ويشرب من وعاء من صفيح معلق في عنقه.
وقال: إن الفرنساوية يتحدثون عن عمل قناة بين البحرين تساعد التجارة، وتجعل مصر مستودعا للبضائع القادمة من أوروبا وآسيا، ولن تضطر السفن الفرنساوية للمرور عن طريق جبل طارق أو اتخاذ الملف الهائل حول رأس الرجاء الصالح.
الخميس 10 يناير
سمع الصباغ من كفاريللي أن بولين اشتكت لبونابرته من زوجها، وأنه يعاملها بوحشية بعد أن بلغته الشائعات بشأنها. وقد طلبت الطلاق فوافق بونابرته على الفور بصفته القاضي.
الجمعة 11 يناير
أقاوم التفكير فيها. أغالب فكرة الذهاب إلى الأزبكية. وأنتظر مجيئها. برد شديد والأرض مغطاة بطبقة رقيقة من الصقيع الأبيض.
السبت 12 يناير
قال الصباغ: إن بونابرته أقام أمس حفل عشاء ترأسته بولين. وأثناء تناول الطعام جاء ذكر نبأ الطاعون فهون من شأنه، ثم ذكر أن طبيبا في الإسكندرية رفض علاج جرحى مخالطين للمرضى؛ فأصدر أمرا بمعاقبته بأن يلبس ثياب النساء ويوضع على حمار ويسحب في الشوارع. وعقبت بولين على ذلك بأنها ترفض اعتبار ارتداء ثياب النساء دليلا على الجبن، وأعلنت أنها على استعداد لمبارزة بونابرته.
بعد الظهر نادى القبطان الفرنساوي الساكن بالمشهد الحسيني بفتح الحوانيت والأسواق لأجل مولد سيدنا الحسين. وأوعد من أغلق حانوته بتسميره وتغريمه عشرة ريالات فرانسة.
وعرفت من أستاذي أن هذا المولد ابتدعه من سنوات مباشر وقف المشهد. وكان قد اعتراه مرض الحب الإفرنجي، فنذر على نفسه هذا المولد إن شفاه الله تعالى، فحصلت له بعض إفاقة فابتدأ به، وأوقد في المسجد والقبة قناديل وبعض شموع، ورتب فقهاء يقرءون القرآن بالنهار، وبالليل «دلائل الخيرات» للجزولي. وانضم إليهم أهل البدع فمنهم من يتحلق ويذكر الجلالة، وينشد القصائد والموالات، ومنهم من يقول أبياتا من «بردة» البوصيري.
Bog aan la aqoon