وحكموا بقتل الثلاثة أنفار المذكورين مع القاتل، وألفوا في شأن ذلك أوراقا، ذكروا فيها صورة الواقعة وكيفيتها، وطبعوا منها نسخا كثيرة باللغات الثلاث الفرنساوية، والتركية، والعربية، أحضرها أستاذي إلى الدار.
قرأتها في تدقيق. ووجدت أن سليمان أنكر في البداية أنه كان في جنينة ساري عسكر أو أنه قتله، فضربوه لحد أنه طلب العفو ووعد أنه يقر بالصحيح؛ فارتقع عنه الضرب، وصار يحكي من أول وجديد.
سئل: لأي سبب حضر من غزة؟ فجاوب: لأجل أن يقتل ساري عسكر.
سئل: من الذي أرسله لأجل أن يفعل هذا الأمر؟ فجاوب: أنه حين رجع عساكر العثمانلي من مصر إلى بر الشام، أرسلوا إلى حلب بطلب شخص يكون قادرا على قتل ساري عسكر العام الفرنساوي، وأنهم يعطونه دراهم، ولأجل ذلك هو تقدم وعرض روحه لهذا. وذكر أنه في مصر شاف السيد محمد الغزي، والسيد أحمد الوالي، والشيخ عبد الله الغزي، والسيد عبد القادر الغزي، في الجامع المذكور، وبلغهم على مراده، فأشاروا عليه أن يرجع عن ذلك.
وبعد فحص الثلاثة مشايخ المتهمين - وهم من غزة - أفتى القضاة أن سليمان الحلبي تحرق يده اليمين، وبعده يتخوزق ويبقى على الخازوق لحين تأكل دومته الطيور.
ثم أفتوا بموت عبد القادر الغزي، وأيضا أفتوا على محمد الغزي، وعبد الله الغزي، وأحمد الوالي؛ أن تقطع رءوسهم وتوضع في نبابيت وجسمهم يحرق بالنار، ويكون ذلك قدام سليمان الحلبي قبل أن يجري فيه شيء.
شعرت بالارتياح لأنه لم يأت ذكري في الأمر. لكني استهولت الأحكام وصارحت أستاذي بذلك.
خالفني الرأي وقال إن سليمان رجل آفاقي أهوج. وإن الفرنساوية الذين يحكمون العقل، ولا يتدينون بدين، لم يعجلوا بقتله بعد أن عثروا عليه، ووجدوا معه آلة القتل مضمخة بدم ساري عسكرهم، بل رتبوا حكومة ومحاكمة، وأحضروا القاتل وكرروا عليه السؤال والاستفهام، مرة بالقول ومرة بالعقوبة، ثم أحضروا من أخبر عنهم، وسألوهم على انفرادهم ومجتمعين، ثم نفذوا الحكومة فيهم بما اقتضاه التحكيم، بخلاف ما رأيناه من أفعال أوباش العساكر الذين يدعون الإسلام، ويزعمون أنهم مجاهدون، وقتلهم الأنفس وتجاريهم على هدم البنية الإنسانية بمجرد شهواتهم الحيوانية.
الثلاثاء 17 يونيو
نصبوا ساري عسكر جديدا هو عبد الله جاك منو، ثم نادوا في المدينة بالكنس والرش.
Bog aan la aqoon