قلنا: لا دليل على حجيته مع ما ذكرنا مع كون المسألة اجتهادية فعدم الإنكار في الاجتهاديات شائع ذائع لا ينكره إلا جهول، على أن القائل بحجيته شرط حضور الجماعة المعتبرة في الإجماع ولا وجه لسكوتهم، وهنا الوجه ظاهر بعد استقرار المذاهب وألف الخلاف، فالإجماع الذي ذكرتم لا يوافق أحد القولين، وفلتات العلماء لا تقاوم صرائح شرائطهم ولا يلزم منه تأثيم أحد لعدم جريه مجرى الإجماع. فتأمل وأنصف.
الوجه الثاني فيما ظفرنا به من كلام أئمتنا
" في كتب المحدثين فذكر الإمام المهدي عليه السلام في (المنهاج) ما لفظه: ولقد وقفت على كتاب (القياس) للهادي عليه السلام فذكر فيه من تقبل روايته ومن لا تقبل في كلام طويل من جملته أنه ذكر أهل الحديث فضعف روايتهم حتى قال: ولهم كتابان يعبرون عنهما بالصحيحين -يعني صحيح البخاري [وصحيح] مسلم- ثم قال: وإن بينهما وبين الصحة لمسافات ومراحل، هذا معنى كلامه، ولعمري إنه على ورعه لا يقول ذلك عن وهم وتخمين، بل عن علم ويقين.
واعلم أن بعض العلماء شكك في هذه الرواية عن الهادي بمعنى أنه معاصر للبخاري ومسلم والذي اطلعت عليه في (مجمع البحار) أن البخاري ولد في شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة وتوفي ليلة الفطر سنة ستة وخمسين ومائتين، ومسلم ولد سنة أربع ومائتين وتوفي رجب سنة إحدى وستين ومائتين، فأما الهادي رضوان الله عليه فكانت وفاته في شهر الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين وعمره ثلاث وخمسون سنة، فلعل مولده في سنة خمس وثلاثين ومائتين وخروجه إلى اليمن في سنة ثمانين فعلى هذا لا مانع من اطلاعه على الصحيحين فافهم.
وقال في (محاسن الأنظار) لشيخنا أمير المؤمنين الهادي إلى الحق الحسن بن يحيى رضوان الله عليه وفي (الجامع الكافي) ما لفظه: قال الحسن بن يحيى عليه السلام : سألت عن سماع العلم من أهل الخلاف وذكرت أن قوما يكرهون ذلك.
Bogga 49