Cilm Adab Nafs
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Noocyada
وهناك فريق آخر يتوسط بينهما، ويعد الغاية التي يتجه إليها النابض قوة لا لذة، وأن السنة التي يجب أن يخضع لها النابض ليست التعقل، بل هي السنة الأدبية، ونحن في هذا البحث نتخذ هذه الخطة الوسطى.
إن الصورة الأدبية تتمثل في شكلين رئيسيين؛ وهما: الصواب
1
والحسن، فنحن نتصور الأدبية متمثلة في قاعدة أو مبدأ أو طريقة للسعي إلى غاية، وبعض الباحثين تحوم أفكارهم حول قاعدة رئيسية للأدبيات يعدونها سنة أمرية يعرف بموجبها ما هو الصواب الذي يجب أن يفعل، وآخرون يعتبرون الحسن ما يسدد الناس إليه قصدهم. وبناء على هذا الاعتبار يحكم على أفعالهم محمودة أو مذمومة؛ فعند الأولين القاعدة الأدبية العليا هي سنة الواجب، وعند الآخرين هي سنة السعادة.
وإذا أدمجنا السنتين معا كان الكمال سنة الأدبيات. والمراد بالكمال هنا كمال الشخصية. (1-2) القاعدة الأدبية سجية
تبتدئ كل سنة أدبية بشكل شريعة أمرية تقضي بثواب وعقاب، وعلى التمادي تصبح طاعة الشريعة عادة، ويشعر الناس أنها شيء حسن لما توليه من الخير للأفراد وللمجتمع، وحينئذ تقل الحاجة إلى تنفيذها بالقوة؛ فينفذها الجمهور طوعا واختيارا، ثم على التمادي أيضا تصبح عادة، وطاعتها غريزة موروثة أو سجية، فلا يشعر الناس أنها شيء حسن فقط، بل يشعرون أنها طبيعة أو خلقة فيهم، فلا يبقى لزوم لشرعيتها، ولا لقوة تنفذها. حينئذ تصبح شيئا حقا أو صوابا؛ ولهذا تعد سنة أدبية، سنة الواجب الحق الصواب.
فنحن الآن نكتسي ساترين عورتنا من غير أن تكون لنا شريعة اكتساء منفذة بالقوة؛ لأننا نشعر أن ستر العورة أمر صواب وحق، فضلا عن أنه أمر حسن، ونخجل إذا انكشفت عورتنا حتى ولو كنا في خلوة، ولكن في القديم كان ستر العورة شريعة أمرية؛ لأن الناس لم يكن لهم شعور الخجل بانكشاف العورة. قس على هذا عادة الحجاب وغير ذلك من العادات التي كانت في الأصل شرائع أمرية فأصبحت سنة أدبية متبعة طوعا واختيارا بلا إكراه.
وإلى الآن كلما رامت الهيئة الاجتماعية عادة أدبية جديدة اشترعت لها شريعة أمرية لتنفذها بالقوة ريثما تصبح على التمادي عادة مستحبة، مثال ذلك: البصاق في رصيف الشارع، أو في الترام، أو في أي مجتمع يعد في بعض الممالك مخالفة يغرم عليها المخالف غرامة مالية؛ ففي الولايات المتحدة يغرم مائة جنيه من يبصق في الترام، ومائة ريال من يبصق على الرصيف.
فالسنة الأدبية إذن هي الواجب الذي يفعله الإنسان من تلقاء نفسه؛ لأنه حق وصواب، فهي سجية فيه، ولكي نفهم حقيقة معنى السنة الأدبية نجلو حقيقة سائر السنن الأخرى، ولا سيما لأن لها تأثيرا في الحياة الأدبية. (1-3) السنن العمومية جمعاء (1)
السنن الكونية الطبيعية : كسنن الجاذبية والنور والحرارة والكهرباء إلخ، فهذه سنن عامة ثابتة غير متغيرة بالنسبة لحياتنا المحدودة الأجل، وليس في وسعنا أن نعصاها؛ ولذلك نستنتج الحوادث الطبيعية القادمة مما حدث في الماضي، فنعلم أن الشمس تشرق في الصباح ولا قدرة لنا على منع شروقها، ونعرف أن الربيع يعقب الشتاء، والصيف يعقب الربيع إلخ، وليس في وسعنا أن نبدل الربيع بالخريف. (2)
Bog aan la aqoon