Cilm Adab Nafs
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Noocyada
فالأول:
يعد الغاية كل ما أفضى إلى لذة، سواء كانت اللذة في أثناء الفعل أو في نهايته؛ لأن الغايات مسلسلة، كما تقدم القول، فإذا كنت تبني بيتا فتشعر بلذة حين تنتهي من وضع أساسه؛ لأنك بلغت إلى درجة من الغايات التي تتوسل بها إلى الغاية القصوى، وهي سكنى البيت أو التمتع بأجرته. فمقاصد الإنسان سلسلة لا تنقطع، والسلسلة تشتمل على حلقات، وكل حلقة غاية قائمة بنفسها، وفيها لذة. فإذن كل ما أفضى إلى لذة كان غاية. فاللذة إذن هي الغاية، سواء كانت هذه نهائية أو واسطة.
والفريق الثاني:
يعد الغاية الغرض الذي يتجه إليه الفعل؛ فمتى بلغ الفعل إلى القصد كان بلوغه غاية. وأما السرور أو اللذة فيحدث في أثناء الفعل؛ أي إن السرور يرافق القصد إلى الغاية. وعند بحثنا في السرور نعود إلى هذا الموضوع بأكثر إيضاح.
يعد الغاية الغرض الذي يتجه إليه الفعل؛ فمتى بلغ الفعل إلى القصد كان بلوغه غاية. وأما السرور أو اللذة فيحدث في أثناء الفعل؛ أي إن السرور يرافق القصد إلى الغاية. وعند بحثنا في السرور نعود إلى هذا الموضوع بأكثر إيضاح. (1-5) الغاية القصوى
فنرى مما تقدم أن لكل من الفريقين نظريات وجيهة، والفرق بينهما قليل. وللتوصل إلى الحقيقة الراهنة نبحث في جذور الغاية التي يتجه إليها الفعل، ويرمي إليها القصد. وهذا البحث يستلزم أن نعود إلى المحرك للفعل؛ لأنه سبب وجود الغاية. وهنا نسأل: هل للغاية شركة في تحريك الفعل؟ أي هل تعد الغاية النهائية محركا أيضا للفعل؟
نعود إلى المحرك فنحلله تحليلا أعمق مما فعلنا فيما سبق. مر بك أن الأخلاق والسجايا التي تحرك الفعل منها غرائز بحتة؛ كالشهوات والانفعالات، ومنها نشأت كعادات وصارت غرائز، أو هي مشتقة من غرائز. والغريزة: نبضة حيوية أو عقلية وظيفتها الحرص على الحياة والبقاء - بقاء الفرد وبقاء النوع.
فكل خلق لفعل إنما هو يرمي بحركته إلى هذا الغرض: الحرص على الحياة والبقاء؛ فحين تأكل لإشباع الجوع تفعل ذلك بغريزة الشهوة البطنية لأجل الحياة والبقاء، وحين تهرب تفعل ذلك بغريزة الخوف حرصا على الحياة والبقاء، وحين تغضب تقاتل حرصا على الحياة وهلم جرا، فكأن للغاية شركة في تحريك الفعل؛ لأنها غرض الغريزة، كما سيتضح لك ذلك فيما يلي. (2) الداعي أو الباعث
رأيت فيما تقدم أن الغاية المرغوبة هي التي تصطحب معها سرورا، أو تكون هي نفسها سارة، أو على الأقل يكون السرور مرافقا للفعل المتجه إليها. وستتضح لك هذه الحقيقة أكثر في الفصل التالي؛ ولذلك لا بد أن يكون قد قام في ذهنك أن الغاية المرغوبة هي نفسها محركة للفعل، أو من جملة محركاته، فهل هي كذلك؟ أليست الشهرة غاية ومحركا للفعل المتجه إلى هذه الغاية؟
ولكي نسهل أمر التمييز بين المحرك الخلقي والغاية التي تتراءى لنا محركا أيضا للفعل المتجه إليها، نقيم في ذهن القارئ مبدأ أعم من المحرك؛ وهو الداعي أو الباعث للفعل، فالداعي قد يكون محركا خلقيا، أو غاية مرغوبة، أو تعقلا أيضا، أو قد يكون هذه جميعا، أو اثنين منها. (2-1) الغاية كمحرك للفعل
Bog aan la aqoon