ومن ثم تخرج محفوفة بدعوات خارجة من قلوب مخلصة، تود لها الخير من صميمها، تخرج ووراءها ألسنة منطلقة بشكرها والثناء عليها.
تسير في الطرقات فيشيرون إليها قائلين: «هذه ملاك وارسو صوفيا جاركوف ذاهبة إلى منزلها بعد أن ساعدت عائلات فقيرات خيم البؤس على منازلهن، فما خرجت منها حتى صيرتها جنة.» «إن الطيور على أشكالها تقع» ذلك مثل عربي طالما ساعد الدهر على إثباته ولا غرو؛ فإن صوفيا جاركوف ملاك وارسو - كما يلقبونها - كانت حبيبة ذلك النائب الحر والبولاندي الطاهر المدافع عن الحق، الذائد عن المروءة «جون سوبيسكي».
رآها ذات يوم جالسة في حديقتها تخيط ثيابا لا شك في أنها كانت لعائلة فقيرة، وكان قلب ذلك البطل الذي صار فيما بعد أشجع قائد في زمانه خلوا من الهوى، فما رآها وصادفت عيناه عينيها حتى امتزجت روحاهما، ومالا إلى بعض كل الميل، ولم يمض يوم أو يومان حتى تقابلا، وتلك سنة الغرام الطاهر والحب الشريف.
نظرة فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء
تلاقيا بعد ذلك مرارا، وإنما كانا يتلاقيان في غار بعيد عن المدينة، يطلق عليه اسم «غار السعادة».
كان ذلك لأن أبا صوفيا الكونت سمولنسكي رئيس «الديت» يكره أن تتلاقى ابنته مع رجل كسوبسيكي يساعد الشعب على النبلاء، مع أنك لو سألت ذلك الرجل بشرفه ونبله عن رأيه في سوبيسكي لصاغ لك المدح عقودا وأعجب به أيما إعجاب، ولكنه لا يمكنه أن يصرح بذلك خيفة أن ينتزعوه من مركزه عنوة واقتدارا ويبدلوه بغيره.
وإن مركز رئيس الديت لمركز تتوق إليه نبلاء بولاندا، فكلمة شك تبدر من فم الكونت سمولنسكي تودي به، وتنزله من حالق مجده.
وكان لصوفيا خادم أمين، تربى في بيت أبيها من صغره، فكان هو الوحيد المطلع على غرامها الطاهر، بل كان الرسول بين الروحين، المقل للرسائل بينهما بأمانة قلما يشاركه فيها آخر من بني آدم.
تقابلا ذات يوم في غار السعادة، ولم يلبث سوبسيكي قليلا حتى استأذن حبيبته بالانصراف؛ وذلك لأنه قد ورد له خطاب من الديت يفيده بأن موعد الانعقاد باكر، وأنه لا بد من حضوره لحصول أمور ذات أهمية وتقرير قرارات كبيرة.
Bog aan la aqoon