32

Cibraad

العبرات

Daabacaha

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

إِنَّ اَلَّذِي خَلَقَنَا وَبَثَّ أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَامنَا هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ لَنَا هَذِهِ اَلْقُلُوب وَخَلَقَ لَنَا فِيهَا اَلْحُبّ فَهُوَ يَأْمُرنَا أَنْ نُحِبّ وَأَنْ نَعِيش فِي هَذَا اَلْعَالَم سُعَدَاء هَانِئِينَ فَمَا شَأْنكُمْ وَالدُّخُول بَيْن اَلْمَرْء وَرَبّه وَالْمَرْء وَقَلْبه؟ إِنَّ اَللَّه بِعِيد فِي عَلْيَاء سَمَائِهِ عَنْ أَنْ تَتَنَاوَلهُ أَنْظَارنَا وَتَتَّصِل بِهِ حَوَاسّنَا وَلَا سَبِيل لَنَا أَنْ نَرَاهُ إِلَّا فِي جَمَال مَصْنُوعَاته وَبَدَائِع آيَاته فَلَا بُدّ لَنَا مِنْ أَنْ نَرَاهَا وَنُحِبّهَا لِنَسْتَطِيعَ أَنْ نَرَاهُ وَنُحِبّهُ. إِنْ كتنتم تُرِيدُونَ أَنْ نَعِيش عَلَى وَجْه اَلْأَرْض بِلَا حُبّ فَانْتَزَعُوا مِنْ بَيْن جَنُوبنَا هَذِهِ القلبو اَلْخَفَّاقَة ثُمَّ اُطْلُبُوا مِنَّا بَعْد ذَلِكَ مَا تَشَاءُونَ فَإِنَّنَا لَا نَسْتَطِيع أَنْ نَعِيش بِلَا حُبّ مَا دَامَتْ لَنَا أَفْئِدَة خَافِقَة. أتظنون أَيُّهَا اَلْقَوْم أَنَّنَا مَا خُلِقْنَا فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا إِلَّا لِنَنْتَقِل فِيهَا مِنْ ظُلْمَة اَلرَّحِم إِلَى ظُلْمَة اَلدَّيْر وَمِنْ ظُلْمَة اَلدَّيْر إِلَى ظُلْمَة اَلْقَبْر؟ بِئْسَتْ اَلْحَيَاة حَيَاتنَا إِذَنْ وَبِئْسَ اَلْخَلْق خَلْقنَا إِنَّنَا لَا نَمْلِك فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا سَعَادَة نَحْيَا بِهَا غَيْر سَعَادَة اَلْحُبّ وَلَا نَعْرِف لَنَا مَلْجَأ نَلْجَأ إِلَيْهِ مِنْ هُمُوم اَلْعَيْش وأرزائه سِوَاهَا فَفَتَّشُوا لَنَا عَنْ سَعَادَة غَيْرهَا قَبْل أَنْ تَطْلُبُوا مِنَّا أَنْ نَتَنَازَل لَكُمْ عَنْهَا. هَذِهِ اَلطُّيُور اَلَّتِي تُغَرِّد فِي أفنائها إِنَّمَا تُغَرِّد بِنَغَمَات اَلْحُبّ وَهَذَا اَلنَّسِيم اَلَّذِي يَتَرَدَّد فِي أَجْوَائِهِ إِنَّمَا يَحْمِل فِي أعطافه رَسَائِل اَلْحُبّ وَهَذِهِ اَلْكَوَاكِب فِي سَمَائِهَا وَالشُّمُوس فِي أَفْلَاكهَا وَالْأَزْهَار فِي رِيَاضهَا وَالْأَعْشَاب فِي مُرُوجهَا والسوأئم فِي مَرَاتِعهَا والسوارب فِي أَحْجَارهَا وَإِنَّمَا تَعِيش جَمِيعًا بِنِعْمَة اَلْحُبّ فَمَتَى كَانَ اَلْحَيَوَان اَلْأَعْجَم وَالْجَمَاد اَلصَّامِت أَيُّهَا اَلْقُسَاة اَلْمُسْتَبِدُّونَ أَرْفَع

1 / 36