وكان العلام بن هضيبة يحتضن جماهير المنشدين والمداحين الذين يتغنون بأمجاد الزناتي وجيش تونس وأمجاده هو نفسه، ويتعمد إيصالهم إلى قرب قصر العزيزة وهم يواصلون إنشادهم وموسيقاهم وأغانيهم لتصل إلى أسماعها وأسماع أسرى بني هلال، متشفيا عقب كل انتصار للزناتي وفرسان تونس.
أما آخر خطط العلام التي استحسنها الزناتي وعكف فورا على تنفيذها، فجاءت ضد دياب نفسه، فقد اتفق الزناتي مع أحد فرسانه المقربين ويدعى «أبو خريبة» لإنزال ضربة قاصمة بإمدادات الجند والمهاجرين وبدياب ذاته في واديه ذاك المدعو وادي الغباين.
فأخذ أبو خريبة عشرين ألف فارس «قروم عوابس»، ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا إلى وادي الغباين، وكان ذلك خلال فترة غياب دياب للصيد والقنص، فأغاروا على الهلاليين وأنزلوا السيف فيهم فقامت الرعيان بالعويل والصراخ، فلما سمعهم دياب ركب جواده وخرجت فرسانه والتحمت بينهم إلى أن لحق دياب بفارس الزناتي أبي خريبة وضربه بالسيف فقطع رأسه وألقاه صريعا.
وعندما رأى فرسانه أميرهم مجندلا فروا هاربين فلاحقهم بنو زغبة وأعملوا السيف في رقابهم، إلى أن وصلوا إلى حيث الزناتي وأخبروه بما جرى من أهوال دياب.
وهنا استدعى الزناتي شقيقه الأمير مكحول وأمره بأخذ قومه وقبائله والنزول إلى دياب بن غانم لأخذ ثأر أبي خريبة ونهب بوش بني هلال ومؤنهم واعدا: ومهما تطاولت يدك إلى أسلابهم فهو ملك لك.
فركب على رأس جنده المقدر بخمسين ألف همام، وأغاروا حتى وصلوا وادي الغباين، وكمنوا لدياب إلى أن خرج وفرسانه لصيده وقنصه، فنزلوا على حراس المؤخرة تقتيلا وساقوا البوش أمامهم.
إلى أن علم دياب بالخبر، فجد السير بفرسانه في أعقابهم إلى أن لحق بمكحول ونازله وقتله.
وما إن وصل الخبر إلى الزناتي حتى ضاقت به الدنيا تخوفا من دياب بن غانم، ولم يجد له مهربا سوء الاستشراء أكثر في منازلة الهلاليين وإعمال سيفه في رقاب قادتهم.
وهنا تجددت مرة أخرى الأصوات المطالبة بعودة دياب بن غانم لحماية ما بقي من فرسان بني هلال، حتى إن جموع الهلاليين تجمعوا حول إيوان السلطان حسن وأبي زيد في شبه مظاهرة كبرى للمطالبة بعودة دياب.
ضيعت حتى والدك.
Bog aan la aqoon