قال: وماذا دفعك للبحث عن ذلك القانون الجديد؟! أولم تكفك القوانين الحالية لتفسير السلوك البشري؟!
قلت: إن القوانين الحالية لعلم الطبيعة والكيمياء والبيولوجي والأنثروبولوجي لم تكن لتسعفني لتفسير العلاقة بين السيد والفرفور (وهنا تكفل المترجم بتلخيص مسرحية الفرافير التي يعرفها ودرسها، وقد سعدت بهذا؛ لأنني هنا أمام كاتب قد قرأت معظم وأهم أعماله، بينما هو بالكاد لا يعرف إلا أني مجرد كاتب مسرحي مصري، فكان ضروريا أن يعرف شيئا عن إنتاجي).
قال: أنا لا أستطيع أن أناقشك في تصورك عن هذا القانون الكوني الواحد، ولكني شخصيا أومن بقانون واحد آخر هو قانون الصدفة، إن العالم الذي نحيا فيه بما يحتويه من بشر ليس له قدر محتوم يسير إليه وينتهي بنهايته؛ ولهذا نحن لا يمكن أن نتنبأ بما سيحدث لهذا العالم غدا؛ لأن العالم يسير بطريق الصدفة العشوائية، ولا يمكن التنبؤ على وجه الدقة بما سوف يحدث؛ فالأمر متروك لقانون الصدفة المحضة.
قلت: هل تعتقد يا أستاذ دورنمات أن المسألة مجرد صدفة، حتى لو كانت قانونا؟
قال: نعم، أنا أعتقد أن الحتمية - حتى التاريخية منها - قد استبدلت بالاحتمالية، بمعنى أن هناك «احتمال» أن يحدث هذا الشيء أو ذاك.
قلت: ألا يمكن أن تكون الاحتمالية طريقا للحتمية، أو بالأصح، هل من الممكن أن تؤدي الاحتمالية إلى الحتمية؟ سألت المترجم: هل سؤالي مفهوم؟ قال المترجم: لا.
قلت: بمعنى آخر: الاحتمالية مهما كثرت فلها حدود، فهل يمكن أن تؤدي الاحتمالية في النهاية إلى الحتمية؟
سألته هذا السؤال وفي خلفية تفكيري ما يقوله النقاد عنه من أنه نظرا لما أصابه من إحباط نتيجة لانعدام العدالة الكونية، وثبوت أن الفلسفات كلها غير يقينية، أصبح يؤمن أن البطولة في العالم انحصرت في تمرد الفرد المعزول ضد النبوءة الميئوس منها؛ وعلى هذا الأساس بنى عملا من أعماله الفذة التي سنتحدث عنها فيما بعد وهو «التيه».
قال: لنعد إلى قانونك الذي تصورته عن الكون (قانون النبض الكوني أو التجاذب للتنافر) أنا آخذ هذا القانون مأخذا علميا جادا، أو بالأصح افتراضا علميا جادا، فمن المعروف أن الكون الآن في حالة تمدد (حسب نظرية أينشتين) أو ما نسميه مرحلة التنافر، فهل هناك قوة داخلية فيه تستطيع أن تبدأ مرحلة التجاذب؟
أسعدني أنه عاد ليناقشني في افتراضي ويأخذه ذلك المأخذ الجاد.
Bog aan la aqoon