ذلك أنه إذا سمحنا لكل شيء ممتلك أن يكون أكثر قيمة من مالكه، وحيث إنكم تحسبون أتفه الأشياء ملكا ثمينا، فأنتم إذن تضعون أنفسكم في منزلة أدنى من أتفه الأشياء، وما في ذلك غبن لكم.
هذا، إذن، حال الطبيعة البشرية: إن الإنسان هو تاج الخليقة ما دام يعرف نفسه، فإذا نسيها فإنه يكون أحط من البهائم، فإذا جهلت سائر المخلوقات نفسها فذاك أمر طبيعي، أما إذا جهل الإنسان نفسه فذاك إثم، ما أفدح الخطأ الذي يرتكبونه: أن تظنوا أن أي شيء يمكن أن يحسن بزينة لا تمت له، غير أن ذلك محال؛ لأنه إذا ما تألق شيء بالزينة الملحقة عليه، فإن الملحقات نفسها هي ما يستحق التقدير، بينما يبقى الشيء المخبوء من ورائها على حاله بكل قبحه ودمامته.
وإنه لا يجوز أن يعد خيرا ذلك الذي يلحق الأذى بصاحبه، أليس كذلك؟ غير أن الثروة كثيرا ما تؤذي أصحابها، فكل السفلة من البشر، أولئك الذين يشتهون ما ليس لهم، يرون أنهم الأحق بكل الذهب والجواهر، تعلم إذن، يا من يروعك الآن هاجس السيف والرمح في يد اللص، تعلم أن تذرع حياتك خاوي الوفاض، حتى يمكنك أن تصفر وتغني أمام قاطع الطريق.
2
ما أروعها إذن نعمة الثروة الفانية! ما أن تحصل عليها حتى يغادرك الأمان.
ما كان أسعد البشر في ذلك الزمن الأول،
قانعين بثمرات الطبيعة الوفية
لم يفسدهم الترف الموهن
ثمار الجوز دانية لهم،
لا يقطفونها إلا إذا بلغ منهم الجوع
Bog aan la aqoon