أما عن الرسائل المزورة التي نسبوها إلي واتخذوها دليلا على أني أملت في تحرير روما فماذا أقول بشأنها؟! لقد كان بوسعي إظهار تزييفها للملأ لو كان أتيح لي تفنيد أدلة الوشاة أنفسهم؛ لأن اعترافهم إذاك يكون سيد الأدلة، ولكن لا حيلة لي الآن في ذلك، آه لو كانت لي، لقد كنت إذن قمينا أن أرد كما رد كانيوس
Canius
على الإمبراطور كاليجولا
Caligula
عندما اتهمه بالتستر على مؤامرة ضده: «لو كنت أدري بها لما دريت أنت.»
لم يذهب بي الحزن في كل ذلك بحيث أبتئس لهجمات الأشرار الآثمة ضد الأخيار، غير أني أعجب لكونهم يحققون ما يأملون؛ فالرغبات الشريرة قد تكون جزءا من الضعف البشري، أما أن يتاح لكل شرير أن ينال غرضه من البريء على مرأى من الله ومسمع فهذا ما يبدو لي بشعا كل البشاعة، لعل هذا ما حدا بواحد من أتباعك لأن يسأل: «إذا كان الله موجودا فمن أين يأتي الشر؟ وإذا لم يكن هناك إله فمن أين يأتي الخير؟!»
5
ولقد كان يهون الأمر لو أن الأشرار المتعطشين لدماء كل الخيرين وكل المجلس قد أرادوا لي الموت أيضا عندما رأوني أنافح عن الخير وعن المجلس، أما أن يشترك أعضاء المجلس أنفسهم في الفعلة نفسها فذلك ما لم أكن أستحقه على الإطلاق.
ولعلك تذكرين ما حدث في فيرونا، فقد كنت دائما حاضرة ترشدينني في أقوالي وأفعالي، عندما أراد الملك، الراغب في القضاء على المجلس برمته، أن يمد تهمة الخيانة الموجهة إلى ألبينوس لتشمل أعضاء المجلس جميعا وهم منها براء، تذكرين كيف دافعت عنهم مستهينا بأي خطر شخصي، وتعرفين أنني أقول الصدق ولا أتباهى بأي فضيلة لي، ذلك أنه بقدر ما يتلقى امرؤ من الصيت كأجر على مكرمة أتاها ... يفقد الضمير المنغمس في الرضا الذاتي شيئا من فضيلته الخفية.
6
Bog aan la aqoon