متخيل أصلا ، ويختلف على النور الأسماء الموضوعة للقوى ، فهي عند العامة موضوعة للقوى ، وعند العارفين أسماء للنور المدرك به ، فإذا أدركت المسموعات سمي ذلك النور سمعا ، وإذا أدركت المبصرات سمي بصرا ، وغير ذلك لمسا ، وذوقا ، وشما ، وخيالا ، ووهما ، وعقلا ، وحافظة ، ومفكرة ، ومصورة ، وكل ما يقع به إدراك فليس إلا النور (1).
* وصل
قد تبين مما ذكر أن ظهور كل محسوس ووجوده بما هو محسوس إنما هو بالإضافة إلى حس واحد ، وذلك أيضا من جهة تجرده عن المادة ، وأما من حيث انطباعه في المادة فنوريته بالقوة وهو بالفعل ظلمة وغسق ، وظهوره بالإضافة إلى النفس أيضا من جهة تجرده ليس إلا بتوسط هذه الحواس ، ولهذا إذا فقدت عنها هذه الحواس كما في يوم القيامة كورت الشمس ، وانكدرت النجوم ، وظهوره بالإضافة إلى العقول أيضا إنما هو بتوسط النفوس ، ولهذا السماوات مطويات بيمينه.
والنور الحقيقي والوجود البحت ما يكون ظاهرا في نفس الأمر بلا توسط شيء من الحواس والنفوس ، وفي جميع المراتب والأحوال.
ومن هنا يظهر أن وجود عالم الحس كله مشوب بالعدم ، ونوريته مخلوطة بالظلمة ، وعلمه ممزوج بالجهل ، فافهم.
Bogga 91