كما إنه تلزمه الجوهرية والعرضية بحسب اتحاده بماهية الجوهر والعرض ، من غير حصول تغير في ذاته وحقيقته ، من حيث هو هو ، فإن قيد ذاته بالإطلاق يشترط فيه أن يتعقل ، بمعنى أنه وصف سلبي ، لا بمعنى أنه إطلاق ، ضده التقييد ، بل هو إطلاق عن الوحدة والكثرة العدديتين ، وعن الحصر أيضا في الإطلاق والتقييد ، وفي الجمع بين ذلك والتنزه عنه ، فيصح في حقه كل ذلك حال تنزهه عن الجميع ، ولا يصح أن يحكم عليه بحكم أو يعرف ، أو يضاف إليه نسبة ما ، من وحدة أو وجوب وجود ، أو مبدأية إيجاد ، أو صدور أثر ، أو تعلق علم منه بنفسه ، أو بغيره ؛ إذ كل ذلك مقتضى التعين والتقيد ، فلا طريق إلى العلم إليه بوجه.
* وصل
سيتبين لك أن الوجود في بعض الموجودات مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل وقابل ، وفي بعضها مفتقر إلى أحدهما ، أو كليهما.
ولا يخفى أن الأول أولى بالموجودية من الأخيرين ، وهو متقدم عليهما بالطبع ، والثاني أقوى وأتم من الثالث.
فللوجود أفراد حقيقية وراء الحصص ؛ لاتصافه بلوازم الماهيات المتخالفة الذوات ، أو المتخالفة المراتب ، فشموله للأشياء من باب الانبساط والسريان على هياكل الموجودات ، سريانا مجهول التصور ، فهو مع كونه أمرا شخصيا متشخصا بذاته ومشخصا لما يوجد به من ذوات الماهيات الكلية مما يجوز القول بأنه مختلف الحقائق ، بحسب الماهيات المتحدة به ، كل منها بمرتبة من مراتبه ، ودرجة من درجاته المتفاوتة بالتشكيك ، فالوجودات هي حقائق متشخصة بذواتها ، متفاوتة بنفس حقيقتها ، مشتركة في مفهوم الموجودية العامة
Bogga 71