كما يأتي :
أحدها : أن البسيط الذي لا تركيب فيه أصلا ، لا يكون مبدأ لفعلين من جهة واحدة.
والثانية : أن صانع العالم بسيط ، أحدي ، ذاتا ، وصفة ، وفعلا.
والثالثة : أنه سبحانه أعلى وأشرف من جميع الموجودات.
فإذا تقررت هذه المقدمات ، فنقول في بيان القاعدة : إنه لا يجوز أن يوجد الممكن الأخس إلا وقد وجد الممكن الأشرف قبله ، وإلا لم يبق للصانع جهة خلق الأشرف ، فإذا فرض الأشرف موجودا استدعى جهة أشرف مما عليه الصانع ، هذا خلف.
وإنما تجري هذه القاعدة في الإبداعيات ، دون المكونات المبنية على الحركات ، والأسباب الخارجة عن الذات ؛ لجواز حرمان الأكمل الأشرف عن الوجود في المكونات ، لممانعة أسباب سماوية ، وعلل طبيعية ، تابعة لاستعدادات أرضية ، تابعة لحركات سماوية ، إلا أن الخسيس في الأشياء الكائنة وإن أمكن أن يكون متقدما على الشريف ، زمانا ، وطبعا ، بحسب الإعداد ، كالنطفة متقدمة على الحيوان ، والبيضة على الدجاج ، والبذر على الشجر ، لكن عند التأمل يظهر أن الشريف متقدم على الخسيس ذاتا ، بحسب الإيجاد ، وأن الفضل والكمال للمتقدم بالذات في الإيجاد ، والخسة والنقيصة للمتأخر بالذات فيه ، وسيأتي : أن ما بالفعل أبدا متقدم على ما بالقوة ، والوجوب متقدم على الإمكان مطلقا.
Bogga 60