Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
هيا نرقص في دائرة من الورود،
وبصحبتنا باقات الزهور،
نعطس كثيرا،
فنسقط جميعا.
يصور البيت الأول من الأغنية الطفح الجلدي المحمر المستدير الذي كان يظهر على جلد ضحية الطاعون. كانت باقات الزهور حلوة الرائحة هي ما يشتمه الأفراد لدرء العدوى، وأما العطس فهو أحد الأعراض المبكرة للمرض؛ الأمر الذي كان يتبعه على الفور «السقوط» أو الموت المفاجئ.
في منتصف القرن السابع عشر، ضرب طاعون عظيم لندن وأودى بحياة ما يصل إلى خمس السكان. سجل صموئيل بيبس الأحداث في يومياته، ويمكننا أن نتتبع هذا التفشي عن كثب ونتوحد مع الضحايا بسبب رواياته الواقعية للأحداث.
قد يعرف بعضنا أيضا أشهر قصة طاعون على الإطلاق: توغل الوباء في قرية تلية صغيرة تدعى إيم بمقاطعة ديربيشير التي تقع على حافة منطقة التلال بيك ديستريكت في شمال إنجلترا؛ حيث قدم الكاهن وشعب كنيسته تضحية بطولية حين اتفقوا على رسم نطاق للحجر الصحي حول القرية وأخضعوا أنفسهم بمحض إرادتهم للحجر الصحي؛ فلم يكن مسموحا لأي شخص أن يهرب من العدوى والموت المحقق. بهذه الطريقة كان لديهم أمل في منع استشراء المرض والحيلولة دون وصوله إلى المجتمعات المجاورة. وطيلة محنتهم، كانوا يحصلون على الطعام من خلال القرويين القريبين الذين كانوا يحضرونه إلى حدود أبرشيتهم، ولم يكن في مقدورهم في محبسهم سوى الانتظار ومشاهدة أنفسهم وهم يموتون، ببطء في البداية، في حين أنه في ذروة توغل الوباء كان الكاهن يدفن عددا كبيرا من شعبه كل يوم. استمر الوباء اللعين فترة بشعة وصلت إلى خمسة عشر شهرا حتى صارت إيم في النهاية أشبه بقرية أشباح. إلا أن تضحيتهم لم تذهب سدى؛ إذ لم تنتقل العدوى إلى مجتمع آخر وتنتشر فيه.
ولكن، هل هذا هو مقدار ما لدينا من معرفة عن الطواعين؟ على سبيل المثال، كم منا يستطيع أن يحدد بدقة متى وقعت هذه الأحداث الكارثية؟ هل بمقدورنا أن نحدد ما إذا كانت أوبئة انفجارية لنفس المرض أم لا؟ الأرجح أننا نستطيع القول إن طاعون لندن العظيم كان نتيجة للطاعون الدبلي، وهو مرض تنشره براغيث الفئران المصابة، وإن لم يكن بمقدورنا أن نحدد السبب وراء اعتقادنا ذلك، باستثناء أننا نتذكر أنهم أخبرونا في المدرسة أن «حريق لندن الكبير» الذي شب عام 1666 قتل كل الفئران وأنقذ إنجلترا من المزيد من نوبات استشراء الطاعون. (2) رحلة بحثنا
في عام 1990 كان هذا أيضا هو كل ما نعرفه عن الطواعين التي كان لها أثر بالغ في التاريخ. لم نكن نعرف الكثير مثل جميع الناس إلى أن عثرنا - بمحض المصادفة - على سجل مختصر لوباء كارثي استشرى في بلدة إنجليزية صغيرة يقام فيها سوق مركزية نحو نهاية العصر الإليزابيثي. كانت هذه هي المرة الأولى التي نصادف فيها الطاعون في أبحاثنا حول تاريخ السكان، وقد أثارت اهتماما سرعان ما تحول إلى افتنان وعزم على اكتشاف أكبر قدر يمكن أن تطوله أيدينا عن هذا المرض الذي يخشاه الناس بشدة.
في بداية رحلة بحثنا لم نكن ندرك جيدا أن هذا سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى فضح خطأ التصورات الشائعة حول هذا الرعب القديم. كنا على مشارف قلب التاريخ رأسا على عقب، فلدهشتنا، بل الأكثر أهمية، أننا أمطنا اللثام عن رسالة مرعبة لنا اليوم: قد يكون مرض القرون الوسطى راقدا في مهجعه منتظرا اللحظة المواتية ليضرب من جديد.
Bog aan la aqoon