Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
رصد مبلغ 56 مليون جنيه إسترليني لمعدات التطهير والمراقبة الجماعية، وتضاعف عدد البدلات الواقية المانعة لتسرب الغاز إلى 4000 بدلة، ولسوف تخصص أطواق من أفراد الشرطة بالإضافة إلى قوات عسكرية مسلحة احتياطية لدرء حالة الفزع الحتمية وضمان تطهير المصابين قبل علاجهم. (4) الحرب الجرثومية
جرى تحديد حوالي 25 ميكروبا أو سما بكتيريا باعتبارها أسلحة بيولوجية محتملة. وتعتبر الجمرة الخبيثة والجدري والطاعون الدبلي والحمى النزفية الفيروسية أخطر هذه التهديدات؛ إما لأنها سهلة الانتشار، أو لأنها تنتقل من إنسان إلى آخر، أو لأنها تؤدي إلى معدل وفيات كبير، أو لأنها قد تثير ذعرا واضطرابا اجتماعيا على نطاق واسع. ذكر مركز مكافحة الأمراض واتقائها أن منها الحمى النزفية الفيروسية باعتبارها تمثل أكبر خطر - وهي نقطة في غاية الأهمية في بحثنا - إذا ما استخدمت كسلاح بيولوجي لما تتمتع به من قدرة على الانتقال عن طريق الهباء الجوي وارتفاع معدل وفياتها. إن تصنيع العوامل المسببة لهذه الأمراض يحدث بسهولة الآن، إلا أن إنتاجها في صورة تمكن من إرسالها بسهولة ومن إلحاق الضرر بأعداد كبيرة من البشر، يكون أكثر صعوبة من الناحية الفنية في الوقت الراهن. (5) الخوف من الجمرة الخبيثة
إذن ماذا حدث في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وبدل تماما تفكير الجميع وتقييمهم لاحتمال وقوع هجمة إرهابية بيولوجية، وأدى إلى إعادة تخصيص مبالغ مالية ضخمة لهذا الغرض؟ السلاح الذي استخدم في هذه الواقعة هو أبواغ الجمرة الخبيثة التي أرسلت عبر البريد إلى الولايات المتحدة؛ مما أسفر عن خمس حالات وفاة، صاحبها اضطراب كبير وذعر بين صفوف العامة.
وإلى جانب الخوف من هجوم بريدي آخر، أشار الخبراء إلى أن الأبواغ الصغيرة التي يحملها الهواء يمكن إقحامها في نظم تكييف الهواء في التجمعات السكنية أو في مناطق التسوق وفي المباني الحكومية مثل البيت الأبيض أو مقر البرلمان الأمريكي الكابيتول. هجمة مثل هذه من شأنها أن تودي بحياة الآلاف من البشر، بل أن تثير نوبة ذعر جماعية في أنحاء أمريكا كذلك.
قارن باتريك كيلي - مدير أنظمة المراقبة والاستجابة للأمراض المعدية الناشئة على مستوى العالم التابع للبنتاجون - هذه الهجمة بنتائج فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا في كل أنحاء العالم قائلا: «لا يمكنك أن تتوقع منهم الاكتراث لخمس حالات وفاة من الجمرة الخبيثة.» ومع ذلك كان لهذه الحملة الإرهابية التي تبدو تافهة عواقب هائلة على نطاق واسع. أرسل مكتب التحقيقات الفيدرالي خطابا إلى أعضاء الجمعية الأمريكية للأحياء الدقيقة في يناير 2002 يشير فيه إلى أن بكتيريا الجمرة الخبيثة التي استخدمت في هذه الهجمات ربما جاءت من معمل بالولايات المتحدة كان يجري أبحاثا لمكافحة الأسلحة البيولوجية. وقد أثبت التأريخ باستخدام الكربون المشع الآن أن الجمرة الخبيثة التي أرسلت عبر البريد إلى عضوين بمجلس الشيوخ وصحفيين بارزين قد صنعت وطحنت لتصبح مسحوقا ناعما في خلال العامين السابقين للهجوم.
قطعا هناك آلاف الأطنان من أبواغ الجمرة الخبيثة المخفية في مستودعات حول العالم، ما يكفي لإبادة البشرية إذا ما تم إرسالها على نحو سليم. وقد أنتج العلماء الروسيون بالفعل سلالة من الجمرة الخبيثة مقاومة للقاح. تستطيع 100كجم فحسب من الأبواغ التي تطلق في صورة هباء جوي عكس الرياح في منطقة حضرية كبرى أن تودي بحياة مليون شخص، علاوة على أن الأبواغ قوية للغاية وسيكون من الصعب جدا القضاء عليها وتطهير المنطقة المعرضة للهجوم؛ ومن ثم سيكون الخلل في الخدمات ونمط الحياة الطبيعي كبيرا وطويل المدى.
على الرغم من المخاوف المبررة بشأن الإطلاق الجماعي العمدي لأبواغ الجمرة الخبيثة، فإن إجمالي آثارها على العالم لن يذكر مقارنة بعودة الموت الأسود أو مرض ناشئ مشابه. حتما ستكون هناك معدلات وفيات هائلة، إلا أن الجمرة الخبيثة ليست سلاحا مثاليا لأنها لا تنتقل من إنسان إلى آخر، وستكفي احتياطات العزل بإقامة الحواجز لدرئه. ستكون موجة التفشي قاصرة في المقام الأول على المنطقة التي تكون باتجاه الريح من نقطة الانطلاق، ولن يتأثر بقية العالم. من المفترض ألا يكون هناك جائحة. أضف إلى هذا أن السلطات الصحية صارت متأهبة الآن لمكافحة أي هجمة بالجمرة الخبيثة، وستتمكن من تقليل عدد الوفيات على نحو كبير. (6) اليرسينية الطاعونية
وماذا عن الطاعون الدبلي؟ قيل إنه إبان الحرب العالمية الثانية أسقط اليابانيون براغيث مصابة بالطاعون الدبلي على المدن الصينية، وربما نجحت في قتل بعض الأفراد من خلال إطلاق موجات تفش محلية للطاعون الرئوي كما يفترض. وإبان الحرب الباردة أولى الاتحاد السوفييتي اهتماما كبيرا لأبحاث اليرسينية الطاعونية باعتبارها سلاحا محتملا، وهي تتصدر قوائم معظم الحكومات للعوامل المعدية التي لا بد أن تكون سبل مكافحتها جاهزة، لكن لماذا؟
لا ينبغي أن ينزعج أي شخص على الإطلاق من احتمال حدوث هجوم إرهابي باستخدام الطاعون الدبلي. لقد عاشت الولايات المتحدة بهذا المرض على مدار المائة عام الأخيرة، وهو لا يسفر إلا عن عدد محدود من الحالات سنويا. إن إرسال وباء من الطاعون الدبلي وترسيخه سيكون في غاية الصعوبة؛ لأن عوامل كثيرة جدا - كما رأينا في الفصل الحادي عشر - سوف تؤثر بقوة في النتائج، وانتشار الوباء سيكون مستحيلا. في جميع الأحوال، يعالج الطاعون الدبلي بسهولة باستخدام المضادات الحيوية.
إذن لماذا كرست الحكومات الكثير من الجهد والمال من أجل إنتاج اليرسينية الطاعونية كسلاح بيولوجي؟ الإجابة واضحة: هم يعتقدون أن الطاعون الدبلي كان السبب في الموت الأسود الذي أودى بحياة نصف سكان أوروبا في ضربة واحدة ، وفي رأيهم لا بد أنه بكل تأكيد السلاح المثالي.
Bog aan la aqoon