Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
لم تكن الحضارة التكنولوجية العالمية متينة، وأي خلل في عملها، سيسفر عن كارثة. وكان هذا الوباء الغامض والمرعب حادثة على وشك الوقوع.
على العكس من ذلك، نجت أستراليا تماما تقريبا؛ فقد أغلقت السلطات هناك كافة منافذ الدخول، وأقامت عزلا كاملا لدى ورود الأنباء عن نوبة تفش.
تم اكتشاف المصاب الوحيد الذي وصل إلى ملبورن وعزله. والأهم من ذلك، أن كل تواصل أجراه على أرض أستراليا أو على متن الطائرة جرى تتبعه بشكل دقيق وعزل أصحابه، الذين جرى تتبع من تواصلوا معهم بدورهم وعزلهم. بهذه الطريقة أحكمت السلطات الصحية قبضتها الصارمة على المرض، ثم طوقت المناطق التي استشعرت أنه ربما يكون فيها بقايا مخاطر للعدوى، وأمروا الأفراد بارتداء أقنعة في جميع الأوقات التي يتواجدون فيها في الأماكن العامة وسط الجموع. أغلقت المدارس والسينمات والمراقص والحانات في هذه المناطق إلى حين.
كانت هذه التدابير الصارمة فعالة للغاية، وسرعان ما انزوى الوباء الناشئ. وبلغ إجمالي الوفيات 20 فردا.
تغطي أستراليا مساحة شاسعة، وتتمتع بالكثير من الموارد الطبيعية، وشعبها قليل العدد، لدرجة أنه حتى في ظل العزل الكامل كانوا قادرين على التعويل على أنفسهم بسهولة. لقد كانوا يتمتعون بالاكتفاء الذاتي وبارعين في فعل الأمور بأنفسهم. وقد تعين إدخال بعض التعديلات وترشيد استخدام بعض الأطعمة والسلع، وبعدها استطاعوا التفاوض بشأن إمداد نفطي محدود. وعندما ينتهي هذا الوباء المروع أخيرا (إذا كان له نهاية من الأساس) فهل سيستعمر الأستراليون العالم؟
وعلى النقيض من ذلك، كانت النتائج كارثية حقا عندما انتشرت الجائحة في الهند والصين؛ إذ لم يكن التصدي لها ممكنا. كانت التدابير الصحية للطوارئ محدودة وغير فعالة في المقام الأول، وسرعان ما نفدت موارد مسكنات الآم والمهدئات، ولم يظهر أي فرد أي أمارات مقاومة للمرض (على عكس الموقف في أوروبا، حيث كان هناك شخص مقاوم للمرض من بين كل سبعة أشخاص ؛ مما كان يثير الدهشة) وقد انتشر الوباء بين السكان المكتظين انتشار النار في الهشيم.
لما انتاب الجميع الرعب، قام الجميع برد الفعل المعتاد، ففروا بالحافلات والقطارات ناشرين المرض في كل حدب وصوب. وعندما منعت السلطات كافة أشكال المواصلات، سعى الناس إلى الفرار سيرا على الأقدام، جارين عربات يد وراءهم. إلا أن هذا كان عديم الجدوى؛ فقد حملوا المرض معهم، وانتشر الوباء بثبات وبلا هوادة في صورة أشعة منطلقة من المركز وكأنه موجات تنتشر في بركة لدى إلقاء حجر فيها، موجة عنيدة وكريهة وهائلة من الرعب والمعاناة المفجعة. ثم التقى الفارون موجة اللاجئين القادمة من الاتجاه المعاكس. كانت الظروف مثالية للآفة، وقد وفرت الملايين الغفيرة المكتظة مصدرا لا ينضب على ما يبدو من الأفراد الذين لديهم قابلية للإصابة. قدر فيما بعد أن التعداد النهائي للخسائر في الأرواح سوف يحصى بالمليارات في النهاية. وقد استحال دفن الأجساد التي تحللت سريعا في ظل درجة الحرارة المرتفعة؛ مما أسفر عن مشاهد لا يمكن تخيلها.
لقد عاد الموت الأسود بعد مرور 700 عام من ظهوره الأول، وكان نمط انتشاره في البلدان النامية مشابها إلى حد بعيد لنمط انتشار الوباء الأصلي، باستثناء أنه كان هناك الآن مصدر لا ينضب من الضحايا المكتظين معا بشدة في نطاق ضيق. من المفارقة أن انتقال العدوى كانت غاية في السهولة في البلدان المتقدمة، وقد انهار اقتصادها تماما.
فهل يستطيع العالم أن يتعافى من مثل هذه الكارثة؟ (2) هل الوقت موات لظهور الطاعون النزفي من جديد؟
لقد اقترحت كثير من السيناريوهات الكارثية التي تنبئ بنهاية العالم كما نعلم، منها الاحترار العالمي، واصطدام النيازك بالأرض، وموجات المد والجزر الهائلة، والانفجارات البركانية ، وبالطبع الحروب النووية الشاملة. تستثمر الحكومات مبالغ مالية وجهودا متفاوتة استعدادا لهذه التهديدات المحتملة، إلا أن قليلين هم من أخذوا على محمل الجد احتمال أن يظهر مرض فيروسي فتاك، مثل الموت الأسود أو ما شابه، بدون سابق إنذار - في الغالب من أحد العوائل الثديية في أفريقيا، كما ألمحنا سابقا - ويدمر حضارتنا.
Bog aan la aqoon