Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
في عام 1528 كتب السفير الفرنسي لدى البلاط الإنجليزي:
أصيبت خادمة من خادمات السيدة بولين يوم الثلاثاء بمرض التعرق؛ فغادر الملك في عجالة شديدة وابتعد لمسافة اثني عشر ميلا ... هذا المرض هو أسهل مرض في العالم يمكن أن يموت المرء منه؛ فالمرء يشكو آلاما خفيفة في الرأس والقلب، وفجأة يبدأ في التصبب عرقا. ولا داعي لإحضار الطبيب؛ لأنه إذا كشفت الغطاء عنك بأقل قدر ممكن، أو غطيت نفسك أكثر قليلا من اللازم، فستموت بلا معاناة. وصحيح أن مجرد إخراج يدك من تحت الفراش إبان الأربع والعشرين ساعة الأولى من شأنه أن يودي بحياتك.
كانت أوبئة مرض التعرق قصيرة المدة: «إذ كانت تهاجم جماعة بعينها ثم تختفي، وكان المرض يجتاح أبرشية بأكملها في غضون أيام قليلة جدا، على الأكثر أسبوعين.»
أيا كان السبب وراء مرض التعرق، فإنه لم يكن الطاعون الدبلي، ولا الطاعون النزفي، الذي كان متزامنا معه. لكن الأسئلة المثيرة هي: أين ذهب في السنوات التي تخللت الأوبئة، وهل كان له عائل حيواني في مكان ما؟ (4) «موت أسود» في آسيا الوسطى
لفت جراهام تويج بكل دماثة انتباهنا إلى تقرير كان قد أعده الحاكم العام لتركستان ظهر في الصحيفة الطبية البريطانية عام 1892. تغطي بلاد تركستان مساحة شاسعة من آسيا الوسطى، ووفقا لما جاء في التقرير «هاجم الموت الأسود المنطقة هجمة عنيفة»، وكان الموت الأسود قد ظهر فجأة في عشق آباد في سبتمبر عام 1892. أوضح الحاكم العام قائلا:
يعرف الناس في غرب آسيا الموت الأسود منذ زمن بعيد باعتباره ابتلاء أشد فتكا من الكوليرا أو الطاعون [الدبلي]؛ فهو يظهر فجأة، مجتاحا منطقة بأكملها وكأنها رياح سموم طاعونية [رياح صحراوية حارة جافة]، فيأتي على الحيوانات والبشر على حد سواء، ثم يتلاشى فجأة كما ظهر، قبل أن يتوافر لديك الوقت لتتحقق من طبيعته أو طريقة تغلغله.
في عشق آباد، قتل الطاعون في 6 أيام 1303 أشخاص من إجمالي تعداد سكان بالغ 30 ألف نسمة، ثم اختفى «دون أن يترك أي أثر على وجوده سوى جثث ضحاياه. أنتنت هذه الجثث سريعا حتى إنه لم يمكن القيام بفحص تشريحي سليم للجثث.» كانت الإصابة تبدأ برعشة شديدة العنف؛ إذ كان المريض يرتجف فعليا من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، وكانت الرعشة تحدث كل خمس دقائق لمدة ساعة، بعدها يشكو المريض من إحساس غير محتمل بالسخونة، وتتصلب الشرايين وتتزايد سرعة النبض، وفي الوقت نفسه ترتفع درجة الحرارة بانتظام. كانت التشنجات تتناوب مع نوبات إغماء، وكان المرضى يعانون من آلام شديدة، وفجأة كانت الأطراف تتيبس وتصير باردة، وفي غضون 10 إلى 20 دقيقة، يدخل المريض في غيبوبة سرعان ما كانت تنتهي بالموت. وفي الحال، بعد توقف الضحية عن التنفس، تتكون فقاعات سوداء كبيرة على الجسم سرعان ما تنتشر على سطح الجلد، ويتحلل الجسد في غضون دقائق قليلة.
ترى ماذا كان هذا المرض الغريب الذي ضرب آسيا الوسطى، والذي كان يظهر فجأة ثم يختفي بسرعة كبيرة بعدها ؟ ولماذا كانت الجثث تتحلل بهذه السرعة الكبيرة؟ فهل من الممكن أن يكون ذلك شكلا طافرا من الطاعون النزفي؟ (5) أسوأ جائحة بعد الموت الأسود
الإنفلونزا هو مرض يصيب الحيوانات، ويمكن أن ينتقل إلى الإنسان، ويتحور سريعا. وقد ظهرت سلالة من فيروس الإنفلونزا عام 1917. بعد أن بدأ الفيروس في الولايات المتحدة الأمريكية في شكل غير فتاك من الإنفلونزا. اجتاح العالم، لكنه لم يسفر إلا عن بضع حالات وفاة (معظمها بين الشباب). بيد أنه في أغسطس عام 1918 تحور الفيروس، مطلقا أكثر أوبئة الإنفلونزا فتكا على مر التاريخ. ظهر الوباء في ثلاثة موانئ في نفس الوقت تقريبا حيث تجمعت قوات ومؤن من جميع أنحاء العالم وأرسلت إلى الخنادق في الجبهة الغربية: مدينة بوسطن بأمريكا الشمالية، ومدينة فريتاون بسيراليون، ومدينة بريست بمنطقة بريتاني.
بمساعدة وسائل النقل السريعة في القرن العشرين، استطاع هذا الوباء أن يودي بحياة نصف مليون نسمة في الولايات المتحدة، وأبلغت بريطانيا عن سقوط 2000 ضحية أسبوعيا، وفي الهند، قضى 20 مليون شخص. بلغ العدد النهائي للوفيات على مستوى العالم حوالي 30 مليون شخص تقريبا، فيما أصيب بالمرض 200 مليون شخص على الأقل، وفي وقت لاحق أوضحت اختبارات الدم أن المرض مس الأغلبية العظمى من الجنس البشري. بدأ هذا الوباء المرعب في التراجع بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وسرعان ما تلاشى تماما.
Bog aan la aqoon