Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
لم يكن أهالي قرية إيم محظوظين؛ ذلك أن الوباء هناك كان تقريبا آخر موجة تفش للطاعون على الإطلاق. لقد نجوا على مدار 300 عام كونهم جمعا قليلا يقطنون منطقة نائية، لينال منهم الطاعون في ضربته الأخيرة. (5) ماذا حدث للطفرة بعد الطواعين؟
ما إن اختفى الطاعون تماما من أوروبا بحلول عام 1670، حتى انتهى على ما يبدو أي نفع يعود على أي شخص من حمل الجين الطافر. وعليه، تغيرت الطفرة على الأرجح من طفرة مفيدة إلى طفرة لا تنفع ولا تضر، وعلى مدار الثلاثمائة عام التالية (وحوالي 12 جيلا)، كان من المتوقع أن تنخفض تكرارية وجودها بين السكان الأوروبيين بالتدريج، وتتأرجح نسبة تكراريتها اليوم ما بين 5 إلى 20 بالمائة، وهي نسبة أقل مما كانت عليه في القرن السابع عشر على الأغلب، إلا إذا كانت طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 قد منحت حامليها المحظوظين مزية انتخابية أخرى لا نعرفها ...
في سبتمبر عام 2003، أعلنت أنباء مذهلة ومثيرة. كانت عديد من التقارير السابقة قد طرحت فكرة وجود صلات بين الوقاية من فيروس الجدري والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية؛ فالأفراد الأكبر سنا الذين قد حصلوا على تطعيم ضد الجدري كانوا أقل عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. والآن أثبتت التجارب الأولية التي أجريت على خلايا الدم البشرية بجامعة جورج ميسن بولاية فيرجينيا أن التطعيم يحد من قدرة فيروس نقص المناعة البشرية على العدوى أربع مرات في المتوسط، كذلك يستخدم فيروس الورم المخاطي الجديري، وهو ينتمي إلى عائلة فيروس الجدري، مستقبل سي سي آر 5 للدخول إلى خلايا الدم التي يستهدفها.
لدى اختفاء الطاعون، حل محله الجدري باعتباره الابتلاء المرعب، فهل من الممكن أن يكون حمل الأوروبيين طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 في القرن الثامن عشر قد وفر لهم أيضا حماية ولو جزئية على الأقل، سواء من عدوى الجدري أو الموت بسببه؟ إن كان الأمر كذلك، إذن لبقيت الطفرة أو حتى زادت بقدر معقول حتى عام 1900 عندما قضي بنجاح على الجدري في أوروبا. مما تقدم، ربما يتوقع من المنظور التاريخي أن تكون الأجناس غير الأوروبية كانت عرضة إلى حد بعيد للإصابة بالجدري، فكل من السكان الأصليين للأمريكتين الشمالية والجنوبية قد ضربهم الجدري بقوة عندما جلبه إليهم الغزاة الأوروبيون.
ومن ثم يدين هؤلاء الأوروبيون الأصليون الذين يتمتعون اليوم بالمقاومة لفيروس نقص المناعة البشرية لحسن حظهم إلى حدث جيني تصادفي في أجدادهم أمدهم بالحماية من الطاعون.
الفصل الخامس عشر
الصورة الكلية
في عالمنا اليوم، عندما يكون هناك شهود عيان على جريمة ويتوافر وصف مناسب للجاني، تتمثل الخطوة التالية في استعراض المشتبه فيهم للتعرف على هوية الجاني، لكن لفعل هذا يجب تحديد المشتبه فيهم أولا.
دون كل العوامل المسببة للعدوى، تعتبر البكتيريا والفيروسات أهم الأنواع التي تلائم أغراضنا. يطلق أحيانا على هذه الكائنات الحية الدقيقة ميكروبات، كما أطلق عليها هيلير بيلوك في كلماته الخالدة:
الميكروب صغير للغاية،
Bog aan la aqoon