Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
عندما أعلن ويليام مومبسون أن الوباء قد انتهى وأن المحنة قد ولت، لا بد أن الناجين تنفسوا الصعداء، فمن حسن حظهم أنهم ظلوا على قيد الحياة. ولم تكن هناك مظاهر فرح ولا بهجة، فعدد كبير جدا من أفراد هذا المجتمع الصغير قد قضوا، وعدد كبير من الأكواخ كان مغلقا ومهجورا.
أمر الكاهن مومبسون بحرق كافة الملابس الصوفية وحاشيات الفرش، وبدأ بنفسه؛ إذ أحرق هو نفسه أمتعته، حتى إنه، حسبما ذكر في خطاب إلى عمه، كان ما تبقى لديه من ملابس يكفيه بالكاد:
إن حالة هذا المكان صارت مرعبة للغاية حتى إني أقول لنفسي إنها فاقت كل الحدود والعبر على مر التاريخ بأكمله. لربما لا أبالغ في قولي إن بلدتنا صارت كجلجثة بحق - موضع للجماجم - ولولا أنه تبقى منا بقية صغيرة، لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة. لم يطل أذني قط مثل هذا العويل المقبض، ولم تشتم أنفي مثل هذه الروائح النتنة، ولم تقع عيني قط على مثل تلك المشاهد المرعبة.
يا له من نعي مريع للقرية، وإن كان لا بد أنه تكرر مرارا وتكرارا إبان عصر الطواعين.
ماذا حدث لمومبسون؟ لقد تزوج من إليزابيث، أرملة تشارلز نيوبي، نحو عام 1669 تقريبا، وأنجبت له أربعة أطفال آخرين، بنتين وولدين، لكن كلا الولدين ماتا وهما رضيعان، وقد كافأه راعيه بتعيينه في منصب كاهن يتقاضى راتبا في أبرشية إيكرينج، التي تبعد 30 ميلا (47كم) شرق إيم، حيث يقال إن وصوله هناك عام 1670 بث الرعب في نفوس أهل الأبرشية. وقد كان بالغ الانشغال قبل وصوله بإعادة بناء الكنيسة هناك. وفي غضون عام عين أيضا كاهنا براتب ثابت لدى كنيسة نورمانتون، وبعدها نصب كذلك كاهنا براتب في يورك، وبعدما أصبح يتقاضى الآن ثلاثة رواتب، كان ميسور الحال إلى حد معقول. وقد توفي في التاسع من مايو عام 1708 عن عمر يناهز السبعين عاما، ودفن في إيركينج.
الفصل الرابع عشر
الصلة المدهشة بين الإيدز والموت الأسود
عند اجتياح الموت الأسود للمرة الأولى عام 1347، وتوغله في أنحاء أوروبا، يبدو أن كل شخص احتك احتكاكا قويا بأحد المصابين أصيب بالمرض ولقي حتفه. يعزى هذا إلى أن أحدا لم يتعرض للمرض من قبل. بعدها بثلاثمائة سنة، وفي القرن السابع عشر، كانت هناك أدلة على أن في البلديات التي سبق أن ضربها الطاعون، تشكل لدى بعض سكانها نوع من المقاومة المتأصلة. كما رأينا أن الصبيان والخدام في لندن، الذين كانوا وافدين من الريف والبلديات الإقليمية الصغيرة التي نادرا ما كانت تشهد أي موجة وباء كبيرة (إن كان هناك وباء من الأساس)، غالبا ما كانوا أول من يصابون بالطاعون. على الناحية الأخرى، بدا أن نسبة السكان الذين كانت عائلاتهم تعيش في العاصمة لعدة أجيال، كانوا يتمتعون بشيء من المقاومة للعدوى.
يوضح الفحص الدقيق لسجلات الأبرشية أن أشخاصا كثيرين حتما كانوا في اتصال مباشر بالمصابين داخل المنازل لكنهم لم يصابوا بالطاعون، ويشير هذا إلى أنه في ذلك الوقت كانت نسبة من العائلات، ولا سيما تلك التي كانت تقيم في لندن لوقت طويل، تتمتع بقدرة على مقاومة المرض. واصل صمويل بيبيس أعماله في لندن (وإن كان قد اتخذ بعض الاحتياطات الأولية) ولم يصب بالطاعون أثناء موجة التفشي الكبيرة في عامي 1665-1666. وقد رأينا أن بعض الأشخاص في إيم وبنريث كانوا على اتصال مباشر مع الضحايا لكنهم لم يموتوا.
فكيف كانت آلية العمل في هذه الحالات؟ يمكننا الحصول على بعض الأفكار المتعلقة بالوراثيات الجزيئية لمقاومة الطاعون منذ 600 عام من مصدر مهم ومختلف إلى حد مثير للدهشة اليوم. (1) فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز
Bog aan la aqoon