Soo Noqoshada Mawtka Madow
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Noocyada
هذه هي قصتنا. (3) البدايات
كانت سو سكوت تجري دراسة تاريخية متعمقة عن المجتمع في بنريث بداية من القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر. تقع هذه البلدة الصغيرة في وادي آيدن بمقاطعة كمبريا في شمال إنجلترا، بالقرب من الحدود الاسكتلندية. وكان أهلها معزولين عن بقية إنجلترا؛ إذ إنها محاطة بجبال بحيرة ديستريكت الخلابة غربا، وسلسلة جبال بيناينز الوعرة شرقا، وجبال ويستمورلاند الأقل وعورة جنوبا. إلا أن الطريق المؤدي إلى اسكتلندا كان يقطع مركز بنريث مباشرة، وطيلة قرون كان المسافرون والتجار ورعاة الماشية يتنقلون عبره. كان من الممكن أن يجلب كل هؤلاء من بعيد أمراضا معدية تؤدي إلى الموت، كالطاعون والجدري، حتى من لندن التي كانت تبعد نحو 280 ميلا (450كم) من جهة الجنوب الشرقي، تلك المسيرة التي تستغرق عدة أيام بالجياد.
عرفنا من دراسات سو أنه في نهاية القرن السادس عشر كانت أرض وادي آيدن تعتبر بعيدة عن المراكز الصناعية والتجارية الكبيرة؛ فقد كان الغرباء ينفرون منها؛ إذ كان المسافرون يجدون صعوبة في الوصول إليها، وملاك الأراضي غائبين باستمرار، وقطاع الطرق يجولون بلا رادع. في قلب هذه المنطقة كانت تقع بلدة السوق الصغيرة بنريث التي كانت - كما يتضح من خريطة نشرت بعدها بمائتي عام - مقسمة إلى تجمعات حول كنيسة القديس أندراوس، ومتاخمة لأطلال إحدى القلاع المهجورة منذ زمن طويل، التي بنيت لدرء غارات المخربين الاسكتلنديين المتكررة. كانت الحياة صعبة على قاطني بنريث، وكثيرا ما اضطروا إلى العيش في ظل ظروف أشبه بالمجاعة. ونتيجة لذلك، كانت الخصوبة ضعيفة، وعادة ما كان يولد أربعة أطفال في الأسرة، لا يبلغ منهم سوى طفلين فحسب سن الخامسة عشرة.
وهكذا بدأت الرحلة، حيث سو جالسة إلى واحدة من الطاولات الكبيرة المصنوعة من خشب الماهوجني في مكتب السجلات بمدينة كارلايل. يتمتع هذا المكتب بموقع مميز؛ إذ تطل بنايته المصنوعة من الطوب والمكونة من طابقين على أحد جوانب ساحة قلعة كارلايل حيث كانت ماري ملكة اسكتلندا معتقلة، كما يضم المكتب كافة السجلات التي تخص مقاطعة كمبرلاند القديمة، التي أصبحت جزءا من كمبريا الآن. كانت سو تدرس سجلات أصلية للأبرشية، الوثائق الرسمية لكنيسة إنجلترا، التي يعود بعضها إلى عام 1538، والتي كانت تودع للحفظ عموما في مكاتب سجلات المقاطعة المختلفة المتناثرة في أنحاء البلاد. وبالإضافة إلى كون هذه الوثائق الخاصة بالمعمودية والزواج والدفن، والمحفوظة بعناية، مصدرا لأخصائيي علم الأنساب ومؤرخي العائلات، فإنها تقدم أيضا بيانات قيمة للباحثين المحترفين؛ لما تقدمه من فهم عميق فريد عن تاريخ العائلة والمجتمع على مدار ثلاثة قرون.
مع أن أهل بنريث ظنوا أنهم في مأمن لكونهم معزولين عن بقية البلاد؛ فقد اكتشفت سو أنه لم يكن هناك مخبأ من الطاعون. تقول سجلات الأبرشية:
طاعون عنيف في ريتشموند، وكيندال، وبنريث، وكارلايل، وأبلبي وأماكن أخرى بمنطقة ويستمورلاند وكمبرلاند في سنة 1598 بعد الميلاد.
حفظت سجلات الأبرشية بالكامل أثناء هذه الفترة، وبالفعل عندما توصلت سو إلى المدخلات المناسبة وجدت:
سجلات مدافن بنريث، 1597
سبتمبر
22
Bog aan la aqoon