Caasimada Iyo Qasimada

Ibn al-Wazir d. 840 AH
64

Caasimada Iyo Qasimada

العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم

Baare

شعيب الأرنؤوط

Daabacaha

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Goobta Daabacaadda

بيروت

فقطع حبائل الأمل ورجاه. واعلم أنك إن لم تمت فجأة مرضت فجأة، فاستعن على ترقيق قلبك وخشوعه، واحتسب (١) طرفَكَ ودموعه بتصور حال خروج الروح من الجسد، والمفارقة للأهل والولد، والسَّفَر الذي ليس بعدَهُ إياب إلى المنزل الذي وساده الحجرُ، وفراشُهُ التراب حيث لا أهل ولا أصحاب، ولا أنس ولا أتراب، هيهاتَ ما في الترابِ من تِرب، ولا في الشراب من شَرب. إن آخر قضاء الإخوان لحقوقكَ، وأول قطيعتهم لك وعقوقك هيلُهُم للتراب على قبرك عند الدفن، وإدرارهم من الدمع ما سحَّ به الجفن، ثم كلما رَمَّ جسمُكَ في لحدك، وأكل الترابُ من جلدك، رمَّت عندهم حبائلُ ودِّك، وامّحت رسومُ عهدك. وإلى هذا أشار من يقول في بعض الفصول: صدق المثل: (لا صَدِيقَ لميت لو كان يصدق مات حين يموتُ) فما اشتغالُكَ بما لا ينفعك في معاشك، ولا معادك، ولا يُبصرك (٢) في اقترابك ولا ابتعادك، اصْحَبْ صاحبًا لا تحتاج معه إلى سواه، وهُمّ عملًا واحدًا لا تكلف نفسك إلا اياه، لعل قلبَكَ بذلك الصاحب يأنس، ونفسَكَ من غير ذلك العمل تيأس، إنَّكَ إن جلوت بالخلوة فؤادك، وقصرت على الخير مرادَكَ، وكحلت عينيك سُهَادَكَ، واتخذت الله في كل أمر عمادَك، وشفعت بالدموع لمردود وجهك الذي لا حياء في ديباجته، ورفعت إلى الله يديك مرتعشًا من هيبته وجلالته، وشفعت ذلك بإطالة السجود والناس هُجود، وبالإلحاحِ في طلب القبول والناس غفول، رَجَعتْ لك رعاية تأخذ بضبُعَيْك عند السقطات، وتُنقذك من ورطتك عند الورطات، لعلهم إن عَلِمُوا بحبه، يرعون حق ودِّهِ لقلبه، ويسمحون طول بُعده منهم بحسن وصله وقربه، فييأس الحساد من حنينه، ويستريحُ من عظيم كربه بإراحة

(١) في نسخة: واستحلب شؤون طرفك. (٢) في نسخة: ولا ينصرك.

1 / 65