============================================================
وكان الحظ الأوفر من التواضع لنبينا محمد فى أوطان القرب، كما روى عن عائشة رضى الله عنها فى الحديث الطويل، قالت: فقدت رسول الله ذات ليلة، فأخذنى ما يأخذ النساء من الغيرة؛ طئا منى أنه عند بعض أزواجه، فطليته فى خجر نسائه فلم اجده، فوجدته في المسجد ساجدا كالثوب الخلق، وهو يقول فى سسبوده: (اسجد لك سوادى وخيالى. وآمن بك فؤادى، وأقر بك لسانى، وها أنذا بين يديك، يا عظيم، يا غافر الذنب العظيم))(1).
وقوله عليه السلام: "اسجد لك سوادى وخيالي)) استقصاء فى التواضع بمحو آثار الوجود حيث لم تتخلف ذرة منه عن السجود ظاهرا وباطنا.
ومتى لم يكن للصوفى حظ من التواضع الخاص على بساط القرب لا يتوفر حظه فى التواضع للخلق، وهذه سعادات إن أقبلت جاءت بكليتها، والتواضع من أشرف أخلاق الصوفية.
ومن أخلاق الصوفية: المداراة، واحتمال الأذى من الخلق.
وبلغ من مداراة رسول الله أنه وجد قتيلا من أصحابه بين اليهود، فلم يحف (2) عليهم، ولم يزد على مر الحق بل وداه(3 بمائة تاقة من قبله، وإن بأصحابه لحاجة إلى بير واحد يتقوون به وكان من حسن مداراته أن لا بذم طعاما، ولا ينهر خادما أخبرنا الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهاب بن على، قال: أخبرنا أبو الفتح الكرخى، قال: أخبرنا أبو النصر الترياقى، قال: أخبرتا الجراحى، قال؛ أخبرنا أبو العباس المحبوبى، قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذى، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا جمفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: "خدمت رسول الله عشر سنين، فما قال لاى أفه قط، وما قال لشىء صنعته لم صنعته، ولا لشىء تركته لم تركته، وكان رسول الله من أحسن الناس خلقا، وما صست خزا قط، ولا حريرا، ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله ي، ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من غرق رسول الله (1).
(1) الحاكم من حديث ابن مسعود بند ضعيف وفى مسلم كان يقول فى السجود : اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلعت سجد وجهى للذى خلقه وصوره وشق سمعه ويصرد وتبارك الله أحسن الخالقين.
(2) لم يجر ولم يظلم.
(3) وداه: دفع ديته.
(4) متفق عليه.
Bogga 70