============================================================
وكما أن الكبر له انقسام على الجوارح والاعضاء تتشعب منه شعب [ فكذلك] بعضها اكثف من البعض: كالتيه والزهو، والعزة وغير ذلك، إلا أن العزة تشتبه بالكبر من حيسث الصورة، وتختلف من حيث الحقيقة كاشتباه التواضع بالضعة، والتواضع محمود والضعة مذمومة، والكبر مذموم والعزة محمودة، قال الله تعالى: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين(1) والعزة غير الكبر، ولا يحل لمؤمن أن يذل نفسه، فالعرة معرفة الإنسان بحقيقة نفسه، وإكرامها: أن لا يضعها لأعراض عاجلة دنيوية، كما أن الكير جهل الإنسان بنفسه وإنزالها فوق منزلتها.
قال بعضهم للحسن: ما أعظمك فى نفسك! قال: لست بعظيم ولكئى عزيز ولما كانت العزة غير مذمومة، وفيها مشاكلة بالكبر قال الله تعالى: (تستثيرون فى الأرض يغير الحق(2).
فيه إشارة خفية لإثبات العزة بالحق، فالوقوف على حد التواضع من غير اتحراف إلن الضعة وقوف على صراط العزة المنصوب على متن نار الكبر، ولا يؤيد فى ذلك ولا يثبت عليه إلا أقدام العلماء الراسخين والسادة القربين ورؤساء الأبدال والصديقين.
قال بعضهم: من تكير فقد أخبر عن نذالة نفسه، ومن تواضع فقد أظهر كرم طبعه.
وقال الترمذى: التواضع على ضربين.
الأول أن يتواضع العبد لأمر الله ونهيه؛ فإن النفس لطلب الراحة تتعلى فى أمره، والشهوة التى فيها تهوى فى نهيه، فإذا وضع نفسه لأمره ونهيه فهو تواضع.
والثانى أن بضع نفسه لعظمة الله، فإن اشتهت نفسه شيئا مما أطلق له من كل نوع من الأنواع منعها ذلك . وجملة ذلك أن يترك مشيئته لمشيئة الله تعالى.
واعلم أن العبد لا ييلغ حقيقة التواضع إلا عقد لمعان نور المشاهدة فى قلبه، فعند ذلك تذوب النفس، وفى ذوبانها صفاؤها من غش الكبر والعجب، فتلين وتطيع (4) للحق والخلق لمحو آثارها وسكون وهجها وغبارها.
(1) آية 8 سورة المنافقون.
(2) آية 20 من بورة الأحقاف.
(3) وفى تسخة: وتنطبح
Bogga 69