============================================================
28 انخرافا عن حد الاعتدال، ويكون قصدهم فى ذلك: المبالغة فى قمع نفوس المريدين خوقا عليهم من العجب والكبر، ققل أن ينفك مريد فى مبادي ظهور سلطان الحال من العجب، حتى لقد نقل عن جمع من الكبار كلمات مؤذنة بالإعجاب، وكل ما نقل من ذلك القبيل من المشايخ لبقايا السكر عندهم وانحصارهم فى مضيق سكر الحال، وعدم الخروج إلى فضاء الصحو فى ابتداء أمرهم، وذلك إذا حدق صاحب البصيرة تظرة يعلم أنسه من استرقاق (1) النفس السمع عند نزول الوارد على القلب، والنفس إذا استرقت السمع عند ظهور الوارد على القلب ظهرت بصفتها على وجه لا يجفو على الوقت وصلافة(2) الحال، فيكون من ذلك كلمات مؤذنة بالعجب، كقول بعضهم: من تحت خضراء السماء مثلى؟. وقول بعضهم: قدمى على رقبة جميع الأولياء، وكقول بعضهم: أسرجت وألجمت وطفت فى أقطار الأرض وقلت هل من مبارز؟ فلم يخرج إلى أحد. إشارة منه فى ذلك إلى تفرده فى وقته.
ومن أشكل عليه ذلك ولم يعلم أنه من استراق النفس السمع فليزن ذلك بميزان أصحاب رسول الله ا، وتواضعهم واجتثابهم أمثال هذه الكلمات، واستبعادهم أن يجوز للعبد التظاهر بشىء من ذلك، ولكن يجعل لكلام الصادقين وجه فى الصحة، ويقال: إن ذلك طفح عليهم فى سكر الحال وكلام السكارى يحمل فالشايخ أرباب التمكن لما علموا فى التفوس هذا الداء الدفين بالغوا فى شرح التواضع الى حد ألحقوه بالصفة تداويا للعريدين.
والاعتدال فى التواضع: أن يرضى الإنسان بمنزلة دوين(3) ما يستحقه، ولو أمن الشخص جموح النفس لأوقفها على حه يستحقه من غير زيادة ولا نقصان.
ولكن لما كان الجموح فى جيلة التفس لكونها مخلوقة من صلصال(1) كالفخار فيها نسبة النارية وطلب الاستعلاء بطبعها إلى مركز التار - احتاجت للتسداوى بالتواضع، وإيقافها دوين ما تستحقه، لئلا يتطرق إليها الكبن فالكبر ظن الإنسان أنه أكبر من غيره، والتكبر إظهاره ذلك، وهذه صفة لا يستحقها الا الله تعالى، ومن اذعاها من المخلوقين يكون كاذبا.
(1) وفى تسخة: استراق. وهى أفضح (2) الصلف: التكلم بما يكره، والتمدح بما ليس عتده ويما ليس فيه من الضفات، وتصلف له : تكلم بما لايرضاه.
(2) دوين: تضغير دون (4) يشير ذلك إلى قوله تعالى: لاخلق الانسان من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار.
Bogga 67