============================================================
وفسر عبدالله بن الميارك حسن الخلق فقال: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكفا الأذى.
فالصوفية راضوا ثفوسهم بالكابدات والمجاهدات حتى أجابت إلى تحسين الأخسلاق.
وكم من نفس تجيب إلى الأعمال ولا تجيب إلى الأخلاق، فنفوس العباد أجابت إلى الأعمال وجمحت عن الأخلاق، ونفوس الزهاد أجبت إلى بعض الأخلاق دون بعض وتفوس الصوفية أجابت إلى الأخلاق الكريمة كلها.
أخبرنا الشيخ أبو زرعة، إجازة عن أبى بكر بن خلف، إجازة، عن السلمى قال: سمعت حسين بن أحمد بن جعفر يقول: سمعت أبا بكر الكنانى يقول: التصوف خلق، فمن زاد عليك فى الخلق زاد عليك فى التصوف (1) قالعباد أجابت تفوسهم إلى الأعمال، لأنهم يسلكون بنور الإسلام، والزهاد أجابت تفوسهم إلى بعض الأخلاق لكونهم سلكوا بنور الإيمان، والصوفية أهل القرب سلكوا بنور الإحسان، فلما باشر بواطن أهل القرب والصوفية ثور اليقين، وتأصل فى بواطنهم ذلك اتصلح القلب بكل أرجاثه وجوانبه، لأن القلب يبيض بعضه بنور الإسلام، وبعضه بنور الايمان، وكله بنور الإحسان واليقين.
فإذا ابيض القلب وتنور انعكس نوره على النفس، وللقلب وجه إلى النفس ووجبه إلى الووح، وللنفس وجه إلى القلب، ووجه إلى الطبع والغريزة، والقلب إذا لم يبيض كلسه لم يتوجه إلى الروح بكله، ويكون ذا وجهين: وجه إلى الروح ، ووجه الى التفس، فإذا ابيض كله توجه إلى الروح بكله، فيتداركه مدد الروح، ويزداد اشراقا وتنورا وكلما انجذب القلب إلى الروح انجذبت التفس إلى القلب، وكلما انجذبت توجهت إلى القلب بوجهها الذى يليه، وتتنور النفس لتوجهها الى القلب بوجهها الذى يلى القلب، وعلامة تنؤرها طمأنينتها قال تعالى: (يايتها النفس المطمئتة ارجعى الى رئك راضية مرضية) (2) وتنور وجهها الذى يلى القلب بمثابة نورانية أحد وجهى الصدف، لاكتساب النورانية من اللؤلق.
وبقاء شىء من الظلمة على النفس لنسية وجهها الذى يلى الغريزة والطبع كبقاء ظاهر الصدف على ضرب من الكدر والنقصان مخالف لنورانية باطية.
(1) انظر الرسالة القشيرية.
(2) آية رقم 28 من سورة الفجر.
Bogga 61