============================================================
ومن فعل ذلك ودرج نفسه فى شىء من هذه الأقسام التى ذكرناها لا يؤلر ذلك فى نقصان عقله واضطراب جسمه إذا كان فى حماية الصدق والإخلاص، وإنها يخشى فى ذلك وفى دوام الذكر على من لا يخلص لله تعالى.
وقد قيل: حذ الجوع أن لا يميز بين الخبز وغيره مما يؤكل، ومتى عيبت(1) النفس الخبز فليست بجائعة. وهذا المعنى قد يوجد فى آخر الحدين بعد ثلاثة أيام، وهذا جوع الصديقين، وطلب الغذاء عند ذلك ضرورة لقوام الجسد والقيام يفرائض العبودية.
ويكون هذا حذ الضرورة لن لا يجتهد فى التقليل بالتدريج، فأما من درج تفسه فى ذلك فقد يصبر على أكثر من ذلك إلى الأربعين - كما ذكرتا -.
وقد قال بعضهم: حد الجوع أن يبزق، فإذا لم يقع الذباب على بزاقه يدل هذا على خلؤ المعدة من الدسومة، وصفاء البزاق كالماء الذى لا يقصده الذياب.
روى أن سفيان الثورى، وايراهيم بن أدهم، رضى الله تعالى عنهما - كانا يطويان ثلاكا ثلافا وكان أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه يطوى ستا، وكان عبد الله ين الزيير رضى الله تعالى عنه يطوى سبعة أيام. واشتهر حال جدنا محمد بن عبد الله - المعروف بعموية رحمه الله، وكان صاحب أحمد الأسود الدينورى - أنه كان يطوى أربعين يوما، وأقصى ما بلع فى هذا المعنى من الطى : رجل أدركنا زمائه وما رأيثه كان فى "(أ يهر)) يقال له ((الزاهد خليفة)) كان يأكل فى كل شهر لوزة، ولم نسمع أنه بلغ فى هذه الأمة أحد بالطى والتدريج الى هذا الحد. وكان فى أول أمره - على ما حكى - ينقصر الوقت بئشاف العود، ثم طوى، حتى انتهى إلى اللوزة فى الأربعين.
ثم إنه قد يسلك هذا الطريق جمع من الصادقين، وقد يسلك غير الصادق هذا لوجود هوى مستكن فى باطنه يهون عليه ترك الأكل إذا كان له استحلاء لنظر الخلق. وهذا عين النفاق، نعوذ بالله من ذلك.
والصادق ريما يقدر على الطى إذا لم يعلم بحاله أحد، وربما تضعف عزيمته فى ذلك إذا علم بأنه يطوى، فإن صدقه فى الطى ونظره إلى من يطوى لأجله يهؤن عليه الطى، فإذا علم به أحد تضعف عزيمثه فى ذلك، وهذا علامة الصادق؛ فمهما أحسن فى نفسه انه يحب أن يرى بعين التقلل فليتهم نفسه؛ فإن فيه شائبة تقاق (1) وفى نسخة: عينت.
Bogga 52