258

============================================================

سماء مزيئا بزينة كوكب الذكر، يصير قلبه سماويا يترقى ويعرج بباطنه ومعناه وحقيقته فى طبقات السموات، وكلما ترقى تتضاهل النفس المطمئنة وتبعد عنه خواطرها حتسى يجاوز السموات بعروج باطنه، كما كان ذلك لرسول الله بظاهره وقلبه.

فإذا استكمل العروج تنقطع عنه خواطر النفس لتستره بأتوار القرب، وبعد النفس عنه، وعند ذلك تنقطع عنه خواطر الحق أيضا، لأن الخاطر وسول، والرسالة إلى من وبعد..

وهذا قريب.

وهذا الذى وصفتاه نازل ينزل به ولا يدوم، بل يعود فى هبوطه إلى منازل مطالبات النفس وخواطرها فتعود إليه خواطر الحق وخواطر الملك، وذلك أن الخواطر تستدعى وجوذا، وما أشرنا إليه حال الفناء ولا خاطر فيه. وخاطر الحق انتفى لمكان القرب.

وخاطر النفس بعد عنه ليعد النفس، وخاطر الملك تخلف عنه كتخلف جبريل فى ليلة المعراج عن وسول الله حيث قال: لو دنوت أنملة لاحترقت.

قال محمد بن على الترمذى: المحدث والكلم إذا تحققا فى درجتهما لم يخافا من حديث النفس، فكما أن النبوة محفوظة من إلقاء الشيطان كذلك محل المكالمة والمحادثة محفوظ من إلقاء الثفس وفتثها، ومحروس بالحق والسكينة لأن السكينة حجاب المتكلم والمحدث مع نفسه.

وسمعت الشيخ أبا محمد بن عبد الله البصرى بالبصرة يقول: الخواطر أريعة: خاطر من النفس، وخاطر من الحق، وخاطر من الشيطان، وخاطر من الملك.

فاما الذى من النفس: فيحس به من أرض القلب. والذى من الحق: من فوق القلب، والذى من الملك؛ عن يمين القلب، والذى من الشيطان: عن يسار القلب.

والذى ذكره إنما يصح لعبد أذاب نفسه بالتقوى والزهد، وتصفى وجوده، واستقام ظاهره وباطنه، فيكون قلبه كالمرآة المجلؤة: لا يأتيه الشيطان من ناحية إلا وييصره، فإذا أسود القلب وعلاه الرين لا ييصر الشيطان.

روى عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله يل "أن العبد إذا أذنب تكت فى قلبه نكتة سوداء، فإن نزع واستغفر وتاب صقل، وإن عاد زيد فيه حتى تعلو قلبه،(1) قال الله تعالى: كلا بل ران على قلويهم ما كائوا يكسبون) (2).

(1) رواه الترمذى وابن حبان.

(2) آية رقم14 من سورة المطففين.

Bogga 258