============================================================
22 وفائدة الصحبة: أتها تفتح مسام اليساطن، ويكتسب الإنسان بها علم الحوادث والعوارض.
قيل : أعلم الناس بالآفات أكثرهم آفسات، ويتصلب الباطن برزين العلم، ويتمكن الصدق بطروق هبوب الآقات، ثم التخلص منها بالإيمان، ويقع بطريق الصحبة والأخوة والتعاضد والتعاون، وتتقوى جنود القلب وتستروح الأرواح بالتشام، ونتفق فى التوجه إلى الرفيق الأعلى، ويصير مثالها فى الشاهد كالأصوات إذا اجتمعت خرقت الأجرام، وإذا تفردت قصرت عن بلوغ المرام.
ورد فى الخبر عن رسول الله "المؤمن كثير بإخوانه".
وقال تعالى مخبرا عمن لا صديق له: (فما لنا من شافيين ولا صديق حميم)(1).
والحميم فى الأصل: الهميم، إلا أنه أبدلت الهاء بالحاء لقرب مخرجها، إذ هما من حروف الحلق.
والهميم : مأخوذ من الاهتمام، أى: يهتم بأمر أخيه، فالاهتمام بمهم الصديق حقيقة الصداقة: وقال عمر: إذا رأى أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به، فقلما يصيب ذلك.
وقد قال القائل: وإذا صفا لك من زماتك واحد فهو المسراد وأين ذاث الواحد وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام قال: يا داود، مالى أراك منتبدا وحدك؟ قال: إلهى، قليت الخلق من أجلك. فأوحى الله إليه: ياداود، كن يقظائا مرتادا لنفسك اخوانا، وكل خدن لايوافق على مسرتى فلا تصحبه، فإنه عدو يقسى قلبك ويياعدك منى وقد ورد فى الخبر "إن أحبكم إلى الله الذين يألفون ويؤلفون، فالمؤمن آلف مألوف".
وفى هذا دقيقة، وهى: أنه ليس من اختار العزلة والوحدة لله يذهب عنه هذا الوصف فلا يكون آلفا مألوقا، فإن هذه الإشارة من رسول الله إلى الخلق الجبلى. وهذا الخلق يكمل فى كل من كان أتم معرفة ويقينا، وأوزن عقلا، وأتم أهلية واستعدادا.
وكان أوفر الناس حظا من هذا الوصف الأنبياء، ثم الأولياء.
(1) من آية 10 من سورة الشعراء.
Bogga 225