[1/ب]
كتاب العوالي
رواية شيخنا العلامة شيخ الإسلام أئمة المجتهدين، وارث علوم الأنبياء والمرسلين، المخصوص بعلو الإسناد في العالمين، أستاذ المقرئين والمفسرين والمحدثين
شمس الحق والملة والدين محمد بن محمد بن محمد الجزري الشافعي الدمشقي
[2/أ]
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخنا، رحمه الله
الحمد لله الذي حصل علو الإسناد قرنا من الله تعالى ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام ومنح به من شاء من أئمة هذه الأمة الكرام وفضلهم إذ بين لهم من طيب الكتاب والسنة على سائر الآنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليم العلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الخلق وسيد الحق والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما تعاقبت الأوقات والأيام وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم.
أما بعد فإن فضل كتاب الله تعالى القديم معلوم وكلام نبيه المعصوم من الحديث مقرر مفهوم وذلك أوضح من أن يحتاج إلى بيان يقال وقيل شعر وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل إذ هو محاز إلى إحكام إحكام الدين القويم والرغبة في طلب علو الإسناد عند الأئمة النقاد من أعلام الأمة في الحديث والقديم.
قال يحيى بن معين: الإسناد العالي قربة إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقال محمد بن أسلم الطوسي: قرب الإسناد قرب إلى الله عز وجل.
Bogga 1
وقال الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه،: علو الإسناد من الدين.
وعنه أيضا طلب
[2/ب]
الإسناد العالي سنة عن من سلف.
وقيل لابن معين في مرضه ما تشتهي فقال: إسناد عال وبيت خال.
وفضل علو الإسناد ولا شك فيه وفي أنواعه كلها كما صرح به أئمة الحديث مما سيأتي وهو رزق يرزقه الله تعالى لمن يشاء من عباده ويخص به من يشاء في بلاده ولما من الله تبارك وتعالى ورزقني منه أوفر نصيب وجعلني ممن لم يشاركني في علو كتابه وسنة رسوله على وجه الأرض قريب فالله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة وبيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الله تعالى العزيز اثنا عشر رجلا من الأئمة وفي الحديث الصحيح عشرة أنفس من ثقات الأمة،وكان بعض شيوخنا من كبار الحفاظ رحمهم الله هو الحافظ زين الدين العراقي قد جمع أربعين حديثا عشارية الإسناد ولم يكن في عصره أعلا منه في أقطار البلاد فرأيت أن أقتدي به في ذلك لأني له في كبار شيوخه موافق ومشارك فلم أذكر أحدا من المتهمين بالكذب كنسطور الرومي والأشج المغربي، وأبي هدبة البصري، وبسر بن عبد الله، ونعيم بن سالم، ودينار بن عبد الله أبي مكيس، وخراش بن عبد الله، وموسى الطويل، ويعلى بن الأشدق ممن صرح بكذبهم فأما ربيع بن محمود المارديني الذي ظهر في سنة تسع وتسعين وخمس مئة، وبابارين الهندي الذي ظهر بعد العشرين وست مئة وادعيا أنهما صحابيان مهما أسقط مرات بذكر الظهور كذبهما عند كل عامل وناقل وحاشا الصحابة أن يكذبوا بل يحتمل أن يكون لا وجود لهما ومن بعدهما يكذب عليهما سيمارتن فإنه مع كذبه لو كان فإنهم كذبوا عليه ما لا يحتمل ولم ينقل عنه معروف
Bogga 2
[3/أ] عند أهل النقل بل مم أبلغ منه في الجهالة والجهل وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قربت موته في سنة عشر أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه لا يبقى بعد مئة سنة ممن هو على وجه الأرض نفس يتنفس هذا ومثل الإمام أحمد ومحمد البخاري والدارمي وعبد بن حميد وأمثالهم ممن رحل الأقطار وجاب الأمصار مع حرصهم على طلب الإسناد العالي لم يقع لهم إلا أحاديث معدودة ثلاثية الإسناد ثم إنه ظهر في حدود سنة سبع مئة أو بعد ذلك شخص من الغرب وادعى أنه من الصحابة وأنه صالح النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه معمر فدعا له وقال: يا معمر عمرك الله فبقي إلى بعد السبع مئة من الهجرة وحدث فكل هؤلاء كذابون دجالون لا يشتغل بهم ولا بحديثهم ولا بأمثالهم والله تعالى أعلم.
مقدمة
العلو في الإسناد نوعان:
معنوي وصوري
فالمعنوي: الرواية عن الحافظ العالم المتقن المحقق
قال وكيع بن الجراح: الأعمش أحب إليكم عن أبي وائل عن عبد الله أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقالوا الأعمش عن أبي وائل أقرب فقال: الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه.
وقال ابن مبارك ليس جودة الحديث قرب الإسناد بل جودة الحديث صحة الرجال.
Bogga 3
وروينا عن الحافظ أبي الطاهر السلفي الأخذ عن العاماء فنزولهم أولى من العلو عن الجهالة على مذهب من النقلة والنازل ح هو العالي عند النظر والتحقيق
[3/ب] وأنشد من نظمه شعرا
ليس حسن الحديث قرب رجال = عند أرباب علمه النقاد
بل علو الحديث بين أولى = حفظ والإتقان صحة الإسناد
وإذا ما تجمعا في حديث = فاغتنمه فذاك أقصر المراد
وقال: الوزير العالم يطام الملك عندي.
إن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت روايه مئة.
Bogga 4
قال الحافظ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله هذا ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث فإنما علو من حيث المعنى.
قلت كذا هو ولهذا قلنا العلو نوعان فهذا العلو معنوي ولا شك أن روايتنا صحيح مسلم مثلا عن شيخنا الإمام الحافظ الكبير العلامة شيخ الإسلام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الذي لم تر عيناي مثله عن شيخه الإمام الحافظ العلامة تقي الدين أحمد بن تيمية الذي لم تر عيناي مثله عن الإمام المحدث أبي العباس أحمد بن عبد الدائم المقدسي مع نزوله درجة أحب إلي عند التحقيق من روايتي له عن الشيخ أبي العباس أحمد بن عبد الكريم البعلبكي عن الشيخة زينب بنت عمر بن كندي مع علوه درجة ولكن في قرب الرؤية إلى رسول الله صلى عليه وسلم شيء آخر ففي ذلك فليتنافس المتنافسون وسيأتي الكلام على ذلك آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
فأما العلو الصوري:
وهو المراد إذا الخلق عند أئمة الحديث وهو قرب العدد في الإسناد فقد قسموه خمسة أقسام
الأول: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث العدد بإسناد جيد متصل ليس فيه متهم ولا من عرف بالكذب كمن قدمنا ذكره قال شيخ شيخنا الحافظ المتقن أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في كتابه (الميزان) متى رأيت المحدث يفرح بعوالي
[4/أ] أبي هدبة ويعلى بن الأشدق وموسى الطويل وأبي الدنيا وهذا الضرب فاعلم أنه عامي.
الثاني من أقسام العلو القرب إلى إمام من أئمة الحديث كمالك والأوزاعي والسفيايين وأحمد والشافعي والبخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة والدارمي وعبد بن حميد وغيرهم فيوصف بالعلو إذا صحيح الإسناد إلى ذلك الإمام
Bogga 5
قلت: وفي هذا القسم تأتي الموافقة والبدل والمصافحة والمساواة كما اصطلح عليه أئمة الحديث إذا قالوا فوقع لنا يعنون الحديث بدلا أو بدلا عاليا وموافقة أو موافقة عاية أو مصافحة أو مساواة.
فالموافقة أن يروي الراوي حديثا في الكتب الستة بإسناد لنفسه من غير طريقها بحيث يجتمع مع أحد الستة في شيخه فإن كان مع علو هذا الطريق كان موافقة عالية.
مثاله: حديث رواه البخاري عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حميد عن أنس مرفوعا كتاب الله القصاص.
وإذا رويناه من جر الأنصاري تقع موافقة للبخاري في شيخه مع علو درجة.
وقد يكون ذلك بعلو درجتين، وقد يكون بأكثر إن لم يكن بعلو كان موافقة فقط ولكن لا يذكر إذ ليس فيه علو فلا فائدة في ذكره.
وأما التدليس: فهو موافقة في شيخ شيخه مع العلو أيضا
مثاله: حديث ابن مسعود الذي رواه الترمذي عن علي بن حجر عن خلف بن خليفة بسنده يوم كلم الله موسى كانت عليه جبة صوف.
الحديث إذا رويناه من جامع الترمذي يكون بيننا وبين خلف تسعة، وإذا رويناه من جزئين عرفه بالإجازة تقع بينه
[4/ب] وبينه سبعة فيكون بدلا بعلو درجتين، وقد يكون هذا البدل موافقة مقيدة في شيخ شيخ الربذي مثلا.
وأما تقييد الموافقة والبدل فيكون بصورة العلو وكذا ذكره ابن الصلاح أنه لا يطلق عليه ذلك إلا مع العلو فإنه قال ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل لعدم الإلتفات إليه، انتهى.
وفي كلام غير ابن الصلاح من مخرجي الأحاديث إطلاق اسم الموافقة والبدل مع عدم العلو فإن علا قالوا موافقة عالية أو بدلا عاليا وإلا سكتوا بل في كلام غير واحد من المخرجين فوافقناه بنزول فسموه مع الأول موافقة.
Bogga 6
وأما المساواة: فهو أن يكون بين الراوي وبين الصحابي أو من قبل الصحابي إلى شيخ أحد الستة كما بين أحد الأئمة الستة وبين ذلك الصحابي أو من قبله على ما ذكر أو يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم كما بين أحد الأئمة الستة وبين النبي صلى الله عليه وسلم من العدد وهذا كان يوجد قديما، فأما اليوم فلا توجد المساواة إلا بأن يكون عدد ما بين الراوي الآن وبين النبي صلى الله عليه وسلم كعدد ما بين لأحد الأئمة الستة وبين النبي صلى الله عليه وسلم قد وقعت المساواة لشيوخنا مثل حديث النهي عن نكاح المتعة أخبرنا به غير واحد من شيوخنا قالوا أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي أخبرنا أسعد بن سعيد بنه روح وعفيفة بنت أحمد الفارانية واللفظ لها قالا أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزذانية قالت أخبرنا أبو بكر بن ربدة أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الحافظ الطبراني، حدثنا أبو روح بن الفرج، حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليثي ح قال الحافظ أبو القاسم
[5/أ] وحدثنا يوسف القاضي حدثنا الوليد الطيالسي حدثنا ليث بن سعد قال حدثني الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه سبرة أنه قال: أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة، الحديث وفيه ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان عنده شيء من هذه النساء اللاتي يتمتع بهن فليخل سبيلها، ولفظ الحديث ليحيى بن بكير هذا حديث صحيح أخرجه مسلم والنسائي عن قتيبة عن الليث فوقع لنا بدلا لهما عاليا.
وورد النهي عن نكاح المتعة من حديث جماعة من الصحابة منهم علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو متفق عليه من حديثه من طريق مالكه.
Bogga 7
وقد رواه النسائي في جمعه لحديث مالك عن زكريا بن يحيى خياط السنة عن إبراهيم بن عبد الله الهروي عن سعيد بن محبوب عن عنيز بن القاسم عن سفيان الثوري عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما محمد بن علي عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فبإعتبار هذا العدد كأن شيوخنا ساووا فيه النسائي وكأني لقيت النسائي وصافحته به.
وأما المصافحة: فهو أن يعلو طريق أحد الكتب الستة عن المساواة بدرجة فيكون الراوي كأنه سمع الحديث من البخاري أو من مسلم مثلا سموه مصافحة يعنون كأن الراوي لحق أحد الأئمة الستة، وروى عنه ذلك الحديث وصافحه ذلك الحديث ومثلنا بالكتب الستة لأن الغالب على المخرجين استعمال ذلك بالنسبة إليهم فقط وقد استعمله الحافظ أبو العباس أحمد بن عبد الله الظاهري وغيره بالنسبة إلى سند الإمام أحمد بن حنبل وتبعناه في ذلك ولا مشاحة في ذلك بل لو استعمل بالنسبة
[5/ب] إلى سند الدارمي وصحيح ابن خزيمة وغير ذلك لجاز فمن ذلك قدمناه آنفا يكون مثالا للمساواة لشيوخنا وللمصافحة لنا كما قدمناه والله تعالى هو الموفق وسيأتي في هذا الكتاب ما يوضح ذلك ويبينه.
القسم الثالث: العلو بقدم السماع فسماع بعض شيوخنا لصحيح البخاري من أبي الفضل ابن عساكر عن ابن الزبيدي في سنة تسعين وست مئة أعلا من سماع بعضهم له من وزيرة بنت النجا عن ابن الزبيدي في سنة خمس عشرة وسبع مئة فكيف سماعهم من الحجار في سنة تسع وعشرين وسبع مئة أو سنة ثلاثين وسبع مئة.
القسم الرابع من العلو تقدم وفاة الراوي عن شيخ على وفاة راو آخر عن ذلك الشيخ كمن سمع سنن أبي داود أو الترمذي من المزي الذي توفي سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة هو أعلا ممن سمعه من ابن أميلة في سنة سبع وسبعين وكل من المزي وابن أميلة سمعاهما من ابن البخاري.
Bogga 8
القسم الخامس: العلو بتقدم السماع من الشيخ نفسه فمن تقدم سماعه من شيخ كان أعلا ممن سمع في ذلك الشيخ نفسه بعده.
قال ابن الصلاح مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحد منهما من ستين سنة مثلا وسماع الآخرين من أربعين سنة ولكن أهل الحديث مجمعون على أفضلية المتقدم في حق من اختلط شيخه أو خرف لمرض أو هرم والله أعلم.
إذا علم ذلك فليعلم أن المقصود هو القصم الأول وهو القرب في العدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسناد الجيد المتصل كما قدمنا وله وجوه عند أهل الحديث منها خمسة يدعو الحاجة إليها في هذه المقدمة والعمل في هذا الكتاب عليها
الوجه الأول:
[6/أ] أعلاها وأولاها وأرفعها وأعلاها عند الجمهور، السماع من لفظ الشيخ سواء حدث من كتابه أو من حفظه بإملاء أو غير إملاء، ويقول الراوي في ذلك حدثنا ويجوز أن يقول في ذلك:أخبرنا، وسمعت، قال الحافظ أبو بكر الخطيب: أرفع العبارات: سمعت ثم حدثنا وحدثني ثم أخبرنا وهو كثير في الإستعمال، فاستدل الخطيب على ترجيح سمعت بأنه لا يكاد أحد يقولها في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه.
قلت: حدثنا تمنع ليس الإجازة ومن أجاز استعمالها في الإجازة مستدلا بما روي عن الحسن البصري أنه قال: حدثنا أبو هريرة وتأول حدث أي أهل المدينة والحسن بها فقد أخطأ.
قال الإمام تقي الدين أبو الفتح ابن دقيق وهذا إذا لم يكن دليل قاطع على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة لم يجز أن يصار إليه، انتهى.
وهو كذلك فإنه إن صح أن الحسن قال حدثنا أبو هريرة فلا شك أن تكون قد سمع منه فقد قال أبو زرعة، وأبو حاتم: من قال عن الحسن حدثنا أبو هريرة فقد أخطأ، والله تعالى أعلم.
Bogga 9
الوجه الثاني: القراءة على الشيخ وتسميها أكثر المحدثين عرضا، بمعنى أن القاريء يعرض على الشيخ ذلك سواء أقرأ على الشيخ من حفظه أو من كتاب أو من سمعه بقراءة غيره من كتاب أو من حفظه أيضا وسواء أكان الشيخ حافظا لما عرضه أو عرض غيره أو غير حافظ له ولكن يمسك أصله هو أو ثقة غيره وأجود العبارات في هذا الوجه أن يقول: قرأت على فلان إن كان هو القاريء وإن كان يسمع بقراءة غيره فيقول قريء على فلان وأنا أسمع ويلي هذه العبارة أخبرنا فلان بقراءتي عليه أو قرأه عليه وأنا أسمع ولو سمع بعضهم فأجاز أن يقال أخبرنا فلان قراءة
[6/ب] عليه إذا كان هو القاريء أو القاريء غيره وهو واضح لأن القراءة على الشيخ بقرأته أو قراءة غيره بخلاف ما إذا قال، قراءة مني عليه أو قرأه عليه وأنا أسمع.
الوجه الثالث: الرواية بالإجازة وهي دون الرواية بالسماع وتأتي على تسعة أنواع: المعول عليه في هذا الكتاب خمسة:
الأول: إجازة معين لمعين مناولة: مثل أن يقول أجزت لكم أو لفلان الفلاني الكتاب الفلاني أو ما اشتملت عليه فهرستي ونحو ذلك، ويناوله، فهذا أرفع من الإجازة المجردة عن المناولة، كما سيأتي.
قال القاضي عياض: فهذه عند بعضهم التي لم يختلف في جوازها ولا خالف فيه أهل الظاهر وإنما الخلاف منهم في غير هذا الوجه.
وقال القاضي أبو الوليد الباجي لا خلاف في جواز الرواية من سلف هذه الأمة وخلفها وادعى فيه الإجماع من غير تفصيل، وذكر الخلاف في العمل بها ولا شك أن حكاية الإجماع في الإجازة مطلقا غلط.
Bogga 10
قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح: هذا باطل فقد خالف في جواز الرواية باإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء والأصوليين وذلك إحدى الروايتين عن الشافعي وقطع بإبطالها القاضي الحسين والماوردي، وبه قطع في كتابه الحادي وعزاه إلى مذهب الشافعي وقالا جميعا كما قال شعبة لو جازت اإجازة لبطلت الرحلة.
وممن قال بإبطالها: إبراهيم الحربي وأبو الشيخ ابن حيان، وأبو نصر الوابلي السجزي، وبعض الشافعية والحنفية إلا أن الذي استقر عليه العمل وقال به جمهور أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم القول بتحرير الإجازة وتجريد الرواية بها، وكما تجوز الرواية بالإجازة يجب العمل بالمروي بها، وبعض أهل الظاهر ومن تبعهم يقول: لا يجب العمل بها، بل هي كالحديث المرسل.
قال أبو عمرو ابن الصلاح: وهذا باطل لأنه ليس في الإجازة ما يقدح
[7/أ] في إتصال المنقول بها وفي الثقة به.
النوع الثاني: من أنواع الإجازة أن يعين الشخص المجاز له دون الكتاب المجاز فيقول أجزت لك جميع مسموعاتي أو جميع مروياتي ونحو ذلك، والجمهور على تجويز الرواية بها وعلى وجوب العمل بما روي بها بشرطه لكن الخلاف في هذا النوع أقوى من الخلاف في الأول.
النوع الثالث والرابع من أنواع الإجازة العامة: كأن يقول أجزت للمسلمين أو لمن أدرك حياتي أو لمن في زماني أو لكل أحد ونحو ذلك، وقد فعله الحافظ الكبير أبو عبد الله ابن منده فقال: أجزت لمن قال لا إله إلا الله.
وجوزه أيضا الحافظ أبو بكر الخطيب.
وحكى الحازمي عن من أدركه من الحفاظ كالإمام أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني أنهم كانوا يميلون إلى الجواز.
وحكى أبو بكر الخطيب أنه جوز الإجازة لجميع المسلمين من كان منهم موجودا عند الإجازة.
Bogga 11
وقول أبي عمروبن الصلاح ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولاعن الشرذمة المتأخرة الذين يبتوووها قال والإجازة في أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والإسترسال ضعفا كثيرا ألا ينبغي احتماله، انتهى.
وهذا عجيب من ابن الصلاح رحمه الله تعالى إذ لا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها أما لإستغنائهم عنها بالسماع أو للإحتياط للخروج من خلافمن منع الرواية بها فممن أجازها أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي، والإمام أبو الوليد بن رشد من كبار أئمة المالكية، والحافظ الكبير أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، وجمهور المتأخرين، وجماعات آخرون ، ورجحه الإمام أبو عمرو بن الحاجب، وصححه الإمام محيي الدين النووي من زيادته في الروضة فقال: الأصح جوازها، وحدث بها الإمام شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، بإجازته العامة من المؤيد الطوسي وسمع
Bogga 12
[7/ب] بها الإئمة الحفاظ مثل الحافظ الحجة أبي الحجاج المزي، والحافظ أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي، والحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، علي ركن الدين الطاووسي، بإجازته العامة من أبي جعفر الصيدلاني وغيره وقرأها الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي، وعماد الدين إسماعيل بن عمرو بن كثير وغيرهما على الشيخ أبي العباس الحجار لإجازته العامة من داود بن معمر بن الفاخر وحدثني بها من لفظ الحافظ ابن كثير بإجازته العامة من المؤيد الطوسي، وروى بها شيخنا خاتمة الحفاظ أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي في كتابه (الأربعين العشارية) عن الوجيه عبد الرحمن العوفي عن ابن رواج وسبط السلفي، والعجيب أنه قال في (شرح ألفيته) وفي (النفيس) في ذلك شيء، وأنا أتوقف عن الرواية بها وقد روى بها في كتاب الأربعين كما قدمنا، وقال فيه وقد جمع بعضهم من أجاز هذه الإجازة العامة في تصنيف له جمع فيه خلقا كثيرا رتبهم على حروف المعجم لكثرتهم ومنهم الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي البدر الكاتب البغدادي، انتهى.
أما الذي أجاز الإجازة العامة فإنهم خلق لا يحصون وإني منذ اشتغلت بعلم الحديث وكتبت استدعات الإجازة لي ولمن معي من سنة ست وستين وسبع مئة، وهلم جرا، لا أعلم أين كتبت استدعاء من شيوخ الحديث والعلماء والحفاظ ألا وكتبت فيه استدعاء الإجازة لمن في العصر وكلهم أجاب إلي ذلك، ولاأعلم أحدا ممن أدركته رد ذلك أو أنكره مع أني ربما حدثت بها عن الشيخ أبي الفتح محمد بن محمد الميدومي وعن الشيخ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن الخباز الأنصاري خال جدي أب أبي قبل أن وقفت على
Bogga 13
[8/أ] إجازته الخاصة منه وأخبرني والدي تغمده الله تعالى في رحمته أنه أخذني في زيارته فسمعت عليه كثيرا وتتبعت ذلك فلم أجده إلى اليوم والله تعالى ييسر إن شاء الله يمنه وكرمه.
الوجه الرابع من أوجه الإجازة: المناولة، وهي على نوعين الأول:
الماولة المقرونة بالإجازة وهي أعلا أنواع اصلى الله عليه وسلم إجازة مطلقا كما تقدم ثم لهذه المناولة العالية صور أعلاها:
أن يناوله شيئا من سماعه أصلا أو فرعا مقابلا به ويقول هذا من سماعي أو من روايتي عن فلان ما روه عني ونحو ذلك وكذا لو لم يذكر شيخه، وكان اسم شيخه في الكتاب المناول، وفيه بيان منه أو إجازته منه ونحو ذلك ويملكه الشيخ له أو يقول خذه وانتسخه وقابل به ثم رده إلي ونحو ذلك.
ومنها: أن يناوله له ثم يرتجعه في الحال، ومنها أن يحضر الطالب أصل الشيخ أو فرعه المقابل به فيعرضه عليه ويسمى عرض المناولة كما تقدم عرض السماع فإذا عرض الطالب الكتاب على الشيخ تأمله الشيخ وهو عارف متيقظ ثم يناوله الطالب ويقول هو روايتي عن فلان أو عن من ذكر فيه أو نحو ذلك فارووه ونحو ذلك وهذه المناولة المقرونة بالإجازة حالة محل السماع عند بعضهم كما حكاه أبو عبد الله الحاكم عن ابن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة الرأي، ومالك في آخرين من أهل المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام ومصر وخراسان.
وقال الحاكم في هذا العرض أما فقهاء الإسلام الذين أفتوا في الحلال والحرام فإنهم لم يرووها سماعا، وبه قال الشافعي والأوزاعي والبويطي والمزني
[8/ب] وأبو حنيفة والثوري وابن حنبل وابن المبارك ويحيى بن يحيى وابن راهويه قال: وعليه عهدنا وعهد أئمتنا وإليه نذهب.
وقال ابن الصلاح: إنه الصحيح وإن هذا منحط عن التحديث والأخبار.
Bogga 14
ومن صور المناولة أيضا: أن يحضر الطالب الكتاب للشيخ فيقول هذا روايتك فتناوله وأجز لي روايته، فلا ينظر الشيخ فيه ولا يتحقق أنه روايته ولكن اعتمد على خبر الطالب، والطالب ثقة يعتمد على مثله فأجابه إلى ذلك صحت المناولة والإجازة وإن لم يكن الطالب موثوقا غيره ومعرفته فإن هذه المناولة لا تصح ولا الإجازة أيضا نعم لو تبين بعد ذلك بخبر ثقة يعتمد عليه أن ذلك من سماع الشيخ أو من مروياته فالظاهر صحة المناولة والإجازة لأنه تبين صحة سماع الشيخ لما تأوله وأجازه، والله تعالى أعلم.
فإن خلت المناولةعن الإجازة وتجردت عنها كأن يناوله الكتاب ويقول هذا من حديثي أو من سماعاتي ولا يقول أروه عني ولا أجزته لك فلا تجوز الرواية على الصحيح الذي نص عليه النووي في التقريب والتيسير.
واختلفوا في عبارة الراوي لما تحمله بطريق المناولة والإجازة فحكى عن جماعة منهم الزهري ومالك جواز اطلاق حدثنا وأخبرنا وهذا يجيء على مذهب من يرى المناولة المقرونة بالإجازة، سماعا، كما قدمنا وحكى عن قوم آخرين جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالإجازة.
قال القاضي عياض، وحكى ذلك عن ابن جريج وجماعة من المتقدمين، وحكى أنه مذهب مالك وأهل المدينة، وأطلق أبو عبد الله المرزباني وأبو نعيم الأصبهاني وأخبرنا في الإجازة من غير بيان، والصحيح الذي عليه الجمهور
Bogga 15
[9/أ] وأجازه أكثر أهل التحري المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحوها في المناولة والإجازة ويقيد ذلك بعبارة متن الواقع فيقول: أخبرنا فلان أو حدثنا إجازة أو مناولة أو إجازة ومناولة أو في ما أذن لي أو إذنا أو نحو ذلك من العبارات المبينة لكيفية التحمل ولا بأس أن يقول كما اصطلح عليه المتأخرون في الإجازة بأنواعها، أنبأنا فإنه صار في العرف عبارة عن الإجازة، وأما قوله عن فلان أو أن فلان أو مشافهة أو فيما شافهني أو كتابة أو فيما كتب إلي أو مكاتبة فلا يخلو من إيهام وحيث اصطلح عليه فلا مشاحة في الإصطلاح لكن فيه تفصيل ينبغي أن يعلم وهو أنه إن سمع من الشيخ فأجازه الرواية مطلقا، وإن لم يتحقق سماعه لذلك المروي فله أن يقول إجازة إن لم يكن سماعا وإن شافهه بالإجازة فله أن يقول فيما شافهني أو إجازة مشافهة وقد جوز بعض المتأخرين إطلاق المشافهة على الإجازة إن كان الطالب قد سمع من الشيخ وشك فيما سمعه أو لم يشك ولكن شافهه بالإجازة وأجازوا في ذلك العنعنة أيضا وأما إذا لم يشافهه الشيخ فلابد أن يقول إجازة أو إذنا أو نحو ذلك وأجازوا أن يقول كتابة أو مكتابة أو فيما كتب إلي ونحو ذلك، وأما الإجازة العامة فلابد من بيانها،وأما إذا قال المجيز مثلا وأذنت له أن يقول يعني في الرواية بالإجازة إذا شاء حدثنا وأخبرنا كما يذكره بعض المشايخ من المغاربة وغيرهم، فغير سائغ، والله أعلم.
الوجه الخامس: من أوجه الرواية الإجازة المركبة وهي الرواية بالإجازة عن الإجازة منعها الحافظ أبو البركات عبد الوهاب
Bogga 16
[9/ب] بن المبارك بن الأنماطي البغدادي من شيوخ أبي الفرج ابن الجوزي، وصنف في ذلك جزءا من حيث أن الإجازة ضعيفة فيقوى الضعف بغجتماع إجازتين، وحكاه الحافظ أبو علي البرداني عن بعض منتحلي الحديث من غير أن يسمسه، واتهمه الحافظ أبو عمرو بن الصلاح فقال: ورده بعض من لا يعتد به من المتأخرين فإن والصحيح والذي عليه العمل أن ذلك جائز ولا يشبه ما امتنع من توكيل الوكيل بغير إذن الموكل، وحكى ذلك أبو بكر الخطيب الحافظ عن الإمام أبي الحسن الدارقطني والحافظ أبي العباس من عقده وفعله الحاكم في تاريخه، قال ابن طاهر الحافظ ولا يعرف بين القائلين بالإجازة خلاف في العمل بالإجازة عن الإجازة، وقال الحافظ أبو نعيم الإجازة على الإجازة قوية جائزة.
قلت ولا ينبغي أن يقال كلامه عند من أجاز الرواية بالإجازة فقد سمعنا بقراءة جماعة من أئمة الحديث كتبا وأجزأ بإجازتين بل بثلاثة من غير نكير وفعله من المتقدمين مثل الإمام الفقيه الكبير نصر بن إبراهيم الفقيه، قال الحافظ الفضل أبو طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عنه سمعته ببيت المقدس يروي بالإجازة عن الإجازة وربما تابع بين ثلاث منها، وذكر الحافظ أبو الفضل بن ناصر أن أبا الفتح بن أبي الفوارس حدث بجزء من العلل للإمام أحمد، حدثنا حارثة بن أبي علي بن الصواف بإجازته من عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا حارثة من أبيه أحمد بن حنبل قال شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي، وقد رايت في كلام غير واحد من الأئمة وأهل الحديث الزيادة على ثلاث أجائز فرووا بأربع أجازوه متوالية وبخمس قال ابن سعيد الأزدي بخمس أجاز متوالية في عدة مواضع قلت:
Bogga 17
[10/أ] وما المانع عند من سوغ الرواية بالإجازة أن يتوالى إجازات قلت أو كثرت وهل هو عندهم إلا كتوالي السماع عن السماع؟ نعم لابد من أن يعلم الطالب أن شيخه أجاز ل شيخه الرواية بالإجازة فربما يكون الشيخ قد اقتصر على إجازة مسموعاته فقط ولم يجز له الرواية بمحازته فليتنبه لذلك فقد وقع لبعض الكبار في هذا غلط والله أعلم وبقي الكلام في الإجازة العامة هل تروى مركبة لا أعلم من ذكر فيها شيئا فكأن شيخنا الحافظ الكبير الزاهد أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب يمنع من ذلك وسمعته يقول: عدم على عدم.
وسمعت شيخنا الحافظ العلامة ابن كثير يقول أخبرنا أروى صحيح مسلم بإجازتي العامة من الحافظ شرف الدمياطي بإجازته العامة من المؤيد الطوسي، انتهى، وفي النفس من ذلك شيء وما رأيت أحدا عمل بذلك ولاسمعته من غير ابن كثير والله أعلم.
هذا ما يتعلق برواية الحديث بالإجازة من الأوجه الخمسة المتعلقة بهذا الكتاب. وأما الأوجه الأربعة الباقية من التسعة التي هي من أخذ الحديث وتحمله ولم يذكر منها شيء في هذا الكتاب.
فالسادس منها: إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه من فلان أو روايته من غير أن يأذن له في روايته عنه فاختلف جواز روايته له بمجرد ذلك.
والسابع الوصية بالكتب كأن يوصي الراوي بكتاب يرويه عند موته أو سفره لشخص فهل له أن يروي عنه بتلك الوصية؟ فيه خلاف أيضا.
والثامن: الوجادة: وهي أن يجد بخط من يثق به حدثنا سواء أعاصره أو لم يعاصره من غير سماع فهل له أن يروي ويقول وحدث بخط فلان قال حدثنا
[10/ب] فلان والرواية بالوجادة منقطعة ولكن إذا وثق بأنه خط ذلك الإمام يكون له شوب من الإتصال واختلف في العمل بالوجادة مع الإتفاق على منع الحكاية بها.
Bogga 18
والتاسع حكاه النقل من الكتب المؤلفة وفيه تفصيل وحكمه حكم المرسل بشرطه، والله تعالى أعلم.
وأما ما يتعلق بقراءة القراآت والقرآن بالإجازة: فإني وقفت على سؤال في ذلك للإمام الحافظ الكبير إمام الحديث والقراآت أبي العلاء الهمداني فأجاب أن ذلك كبيرة من الكبائر لا يحل ولا يجوز.
قلت: وكأنه يريد ممن لم يكن أهلا لذلك فيقيسه على رواية الحديث لأن في قراءة القرأن والقراات أشياء لا تحكمها إلا المشافهة وإلا فإذا كان الشيخ أهلا قد أحكم القرأن وصححه ورواه مشافهة فالسامع من روايته وأقرانه بالإجازة على سبيل المتابعة فإني رأيت الحافظ أبا العلاء نسبه في مصنفاته في القراات بذكر إسناده بالتلاوة ثم بذكره بالإجازة تارة لعلو الإسناد وتارة للمتابعة والشاهد وأما إمام القراات في عصره أبو معشر الطبري شيخ مكة فإن الجامع المسمى بسوق العروس له مشحون في غالب رواياته بقوله كتب إلي أبو علي الأهوازي وقد أقر بمضمنه ورواه الخلق عنه، وما رأينا أحدا أنكره وأبلغ من ذلك رواية شيخ القراءات بالديار المصرية الكمال الضرر فإنه روى القراءات وكتاب المستنير لأبي طاهر بن سوار عن الحافظ السلفي بالإجازة العامة منه ورويناه من طريق لذلك وقرأنا به على شيوخنا عن قراءتهم بذلك على سند القراء
[11/أ] التقي الصائغ عن الكمال الضرير لكن الصائغ قرابة على الكمال بن فارس عن تلاوته عن الكندي عن سبط الحناط كذلك من مؤلفه كذلك فرواه متابعة عن الكمال الضرير لعلوه والله تعالى أعلم.
وقد رأيت أن أقدم قبل الشروع الحديث المسلسل بالأولية ليتسلسل لمن يريد سماع ما بعده من الكبار والصغار، إما بالتاريخ وإما مطلقا مقتديا في ذلك بمن بعد منا من أئمة الحديث عند ابتداء السماع والتحديث، فأقول والله الموفق والمستعان، وعليه الإعتماد والتكلان.
Bogga 19
أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ الثقة المحدث شمس الدين أبو البناء محمود بن خليفة بن عقيل المنجبي، رحمه الله يوم الأحد العاشر من صفر سنة سبع وستين وسبع مئة بمنزله من الديماس داخل دمشق المحروس وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا الشيخ رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم البغدادي وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا الشيخ الإمام شيخ شيوخ العارفين بهاء الدين أبو حفص عمر بن عبد الله البكري السهروردي وهو أول حديث سمعته منه أخبرني أبو النجيب عبد القاهر بن عبد الله السهروردي وهو أول حديث سمعته منه، والشيخة الصالحة الكاتبة فخر النساء شهدة ابنة أحمد بن الفرج الأبرية وهو أول حديث سمعته منها، قال كل منهما أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي، وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وهو أول حديث سمعته منه، ح، وأخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن موسى بن إسماعيل بن عبد الله بن مكي البكري الميدومي، وهو أول حديث رويته عنه إجازة عامة، وأخبرني عنه جماعة كثيرون لا يحصون منهم الحافظ
Bogga 20