Casriga Kacaanka: Hordhac Gaaban
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
بالنسبة للحاكم أو التاجر في أواخر القرن الخامس عشر، كانت طبعة مدينة أولم لكتاب بطليموس تقدم تمثيلا دقيقا بدرجة معقولة عن عالم ذلك الزمان. فيمكن تمييز أوروبا والبحر المتوسط وأفريقيا وآسيا في الخريطة. أما ما يبدو خاطئا بالنسبة لنا اليوم فهو إغفال الخريطة للأمريكتين وأستراليا والمحيط الهادئ وكتلة المحيط الأطلنطي، والرأس الجنوبي لأفريقيا (الذي بدونه يمثل المحيط الهندي كبحيرة عملاقة). ويرتكز عالم بطليموس على شرق البحر المتوسط ووسط آسيا، وعلى مدن مثل القسطنطينية وبغداد والإسكندرية. وكانت هذه المواضع تمثل الواقع الدولي السائد لدى الأشخاص المتعلمين من القرن الثاني وحتى قرب نهاية القرن الخامس عشر.
شكل 4-1: خريطة العالم لبطليموس من إحدى الطبعات الجديدة لكتابه الكلاسيكي «الجغرافيا»، وقد نشرت في مدينة أولم في عام 1482.
1
كان كتاب «الجغرافيا» يملكه الأمراء ورجال الدين والباحثون والتجار المتحمسون لإظهار وعيهم الشخصي بالجغرافيا والسفر من خلال امتلاك نسخ مخطوطات باهظة الثمن لبطليموس. ومع ذلك، تبين الخرائط التي لا تزال باقية من القرن الرابع عشر التقاليد الثقافية المتنوعة التي شكلت عالم عصر النهضة. فخريطة المغرب التي لا يعرف اسم واضعها ، والتي يعود تاريخها إلى عام 1330 تقريبا، هي مثال عملي للخرائط التي كان يطلق عليها «بورتولان» التي استخدمها التجار والملاحون لعبور البحر المتوسط. وكانت خطوط الاتجاهات الثابتة التي تجتاز الخريطة تساعد اتجاهات البوصلة وتسمح للملاحين بالإبحار في مسارات دقيقة بدرجة معقولة. ونظرا لأنها كانت تنتج إما في غرناطة أو المغرب، فإنها تبين تداول المعرفة الجغرافية، ومهارات الملاحة، والتجارة بين المجتمعات المسيحية والإسلامية. ومن بين أسماء الأماكن البالغ عددها 202 مكان، التي تظهر في تلك الخريطة، فإن 48 مكانا من أصل عربي والبقية من أصل كتالوني أو إسباني أو إيطالي. وبالاستناد إلى خبرة الملاحين والدارسين العرب واليهود والمسيحيين، كانت الخرائط العملية مثل هذه الخريطة هي التي جعلت أولى الرحلات البحرية التجريبية فيما وراء حدود أوروبا ممكنة.
الدوران حول الرأس
في عام 1415، استولى البرتغاليون على مدينة سبتة الإسلامية في المغرب. وقد منح هذا الانتصار البرتغال نقطة انطلاق للتوسع في الساحل الأفريقي الغربي. وباستغلال موقعها الجغرافي المواجه للمحيط الأطلنطي، سعى التاج البرتغالي للتوغل في الطرق التجارية عبر الصحراء الكبرى؛ وذلك هربا من دفع الرسوم الجمركية المجحفة التي كانت تمثل عبئا على السفر عبر طرق التجارة البرية والبحرية عبر شمال أفريقيا وصولا إلى جنوب أوروبا. وعندما فاز التاج البرتغالي بجزر ماديرا (1420)، وجزر الأزور (1439)، وجزر كاب فيردي (في ستينيات القرن الخامس عشر)، أصبحت التجارة في المواد الأساسية مثل الأخشاب والسكر والسمك والقمح أكثر أهمية من البحث عن الذهب. وقد أدى هذا إلى إعادة تعريف أهداف الاسكتشاف البحري والاستيطان من جانب التاج البرتغالي.
شكل 4-2: هذه الخريطة البحرية أو «بورتلان» التي تعرف باسم «خريطة المغرب»، رسمت في شمال أفريقيا في عام 1330 تقريبا، وتوضح كيف أن المعرفة المشتركة شكلت وجه الملاحة في البحر المتوسط.
2
وبمجرد أن استقر البرتغاليون على جزر الأزور، بدءوا يبحرون جنوبا إلى أقاليم لا تقع على أي خريطة، أو ما كان يطلق عليه في خريطة بطليموس «الأقاليم المجهولة». وعندما بلغ البرتغاليون حدود تقاليد الملاحة ورسم الخرائط في منطقة البحر المتوسط، استعانوا بخدمات العلماء اليهود لوضع جداول شمسية، وخرائط نجمية، وأسطرلابات، وأدوات الربعية، وعصي الملاحة لحساب دوائر العرض حسب موقع الشمس والقمر والنجوم. وبحلول ثمانينيات القرن الخامس عشر، كانت هذه التطورات العلمية ناجحة لدرجة أن البرتغاليين أبحروا حول سيراليون، وأسسوا مواقع تجارية على طول ساحل غينيا.
أما المواجهات التجارية التي نشأت عن تلك التطورات فكان لها تأثير ملحوظ على ثقافة واقتصاد المجتمعات في غرب أفريقيا والبرتغال وبقية أراضي أوروبا. فاختلاط الناس أدى إلى خلق مجتمعات مستقلة مختلطة الأجناس في غرب أفريقيا، والتي كان يشار إليها باسم «لانسادو». وكان يجري مقايضة النحاس والخيول والقماش مقابل الذهب والفلفل والعاج والأبنوس. وبنهاية القرن الخامس عشر، تمكنت البرتغال - بفضل الذهب الذي يشحن إلى لشبونة - من إصدار عملتها الذهبية القومية الأولى: الكروسادو، كما شرعت في تنفيذ برنامج بناء عام طموح كان يدمج العناصر الأساسية الكلاسيكية والمغولية والفارسية، والتي يمكن رؤيتها حتى اليوم على امتداد لشبونة وجوا وماكاو.
Bog aan la aqoon