هو أجدر ظواهره بالملاحظة، وهو أقدر هذه الظواهر على إيقاظ الفلسفة من سباتها التوكيدي، ودفعها إلى أداء تلك المهمة الشاقة، مهمة نقد العقل.
وأنا أطلق على هذه الفكرة اسم الفكرة الكونية (الكسمولوجية)؛ لأنها لا تستمد موضوعها إلا من العالم المحسوس، كما أنها لا تحتاج إلى أي عالم سوى ذلك الذي يكون موضوعه شيئا محسوسا، وبالتالي فإنها، بقدر ما تكون كامنة
8
وليست عالية، لا تكون حتى ذلك الحين قد أصبحت فكرة بعد، أما أن نتصور النفس على أنها جوهر بسيط فهذا يعني، على العكس من ذلك، تصور هذا الموضوع (وهو البسيط) من حيث هو لا يمكن أن يتمثل للحواس. ومع ذلك فإن الفكرة الكسمولوجية تمضي في الربط بين المشروط وشرطه (سواء أكان رياضيا أم ديناميا) إلى حد تعجز التجربة تماما عن مجاراته، وبذا تظل دائما، من هذه الناحية، فكرة لا يمكن أن يعطى موضوعها بطريقة مطابقة في أية تجربة. (القسم 51) : وتظهر هنا، أولا، فائدة نسق (قائمة) المقولات على نحو واضح لا ينكر، حتى إنه لو لم تكن توجد أدلة أخرى عديدة عليها، لكان في هذا وحده الكفاية لإثبات ضرورتها الأساسية في نظام العقل الخالص. ولا يوجد من هذه الأفكار العالية (
transcendent ) سوى أربع؛ أي بقدر ما يوجد من فئات المقولات. ومع ذلك فهي تشير في كل منها إلى المجموع
9
المطلق لسلسلة الشروط الخاصة بمشروط معين فحسب. ويناظر هذه الأفكار الكسمولوجية الأربع أربعة تأكيدات ديالكتيكية فحسب للعقل الخالص، وهي تأكيدات يدل كونها ديالكتيكية على أن لكل منها تأكيدا مناقضا يقابله، ويبني على مبادئ للعقل الخالص تعادل المبادئ التي يبني عليها الأول تهافتا. وليس في وسع أي فن ميتافيزيقي للتمييز الدقيق أن يمنع هذا التعارض، سوى ذلك الذي يدفع الفيلسوف إلى الرجوع إلى المصادر الأولى للعقل الخالص. هذه النقيضة، التي لم تبتدع ابتداعا إراديا، وإنما تتأصل في طبيعة العقل البشري، والتي هي بالتالي لا مفر منها ولا تتوقف عند حد أبدا، تنطوي على القضايا الأربع الآتية ومعها قضاياها المضادة: (1)
القضية: العالم، من حيث الزمان والمكان، بداية (حد).
القضية المضادة: العالم، من حيث الزمان والمكان، لا متناه. (2)
القضية: كل ما في العالم يتألف من البسيط.
Bog aan la aqoon