فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وأب هذه الصورة فيه من الجهل معنيان، بل ربما كانت فيه معاني الجهل كلها إذا كانت له معان أخرى.
والرجل في البيت المصري هو رب الأسرة وقيمها ومثلها الأعلى، فحين شب صاحب الصورة عن سن الطفولة وبدأ لقاءه بالصبا والشباب وجد هذا الأب التافه الجاهل وقد اجتمع عليه أيضا البخل. والبخل عند الفقير مسبة ولكنه عند الغني كارثة. وكثيرا ما يختلط البخل بالخسة والدناءة فيصبح البخيل بين الناس أهزوءة، ويصبح بين أهله مسخرة.
وحين يصبح عماد البيت مسخرة فليس غريبا أن يصبح صاحب الصورة شيوعيا. •
أما الصورة الثالثة فهي عن أب هذه الصورة أيضا. وقد كان هذا الرجل جديرا بأن يكون موضع احترام وتوقير، ولكن شاء الله فجعل منه موضع احتقار وامتهان. وأكمل هو أسباب احتقاره فسرق شركة كبرى كان يرأسها، وشب الفتى وأبوه في سجنين من الحديد والاحتقار معا.
وكان من الطبيعي أن يصبح الابن رافضا للمجتمع كله الذي امتهن أباه واحتقره، وما دام المجتمع قد فعل فهو يرفض الله وهو شيوعي. •
أما الرابع فهو ملحد بسبب آية كريمة تخاطب الإنسان وتقول له: إن الله خلقه فسواه فعدله. ولكن صاحب الصورة يعتقد أن الله خلقه فقط وما سواه ولا عدله. وهو يصدر في ذلك عن غباء مطلق؛ فالله سبحانه وتعالى حين يقول هذا للإنسان إنما يريد - عزت مشيئته - أن يميز الإنسان عن الحيوان. أما إذا كان الإنسان قبيح الوجه مشوه القوام غير معتدل القامة غير متناسق الأطراف فهو لا يخرجه بذلك عن الإنسان الذي ينتسب إليه، وإنما هو امتحان من الله سبحانه وتعالى الذي قال:
ولنبلونكم . وفي هذا الاختبار يكرم الله سبحانه عبده ويتيح له أن يقترب منه بروحه إذا كانت سليمة ولم يسمح لها صاحبها أن تلتوي بالتواء ظاهره. وحين يصل الإنسان، هذا الإنسان إلى ربه يجد نفسه أجمل الناس جميعا؛ فالذي يعرف الطريق إلى السماء تصبح الأرض عند كبريائه هينة لا تساوي أن يقيم لها وزنا، ولكن صاحب الصورة شوه داخل نفسه أكثر مما شوهته الطبيعة فحقد، وألحد.
وما دام قد حقد وألحد فما بغريب عليه أن يكون شيوعيا.
والصورة شتى ولكن المرآة ازدحمت، ولكنني ما زلت أعجب كيف جرت كل صورة من هذه الصور الصورة الأخرى. ويزداد عجبي أنني كلما ذكرت شيوعيا وجدت هذه البؤرة العفنة من الحقد رسبت في أصله، أو ثبتت في نفسه، أو تجلت في سحنته. سمة واحدة لا يخطئها البصر ولا تغيب عن البصيرة.
Bog aan la aqoon