قال: «وما هو؟» قالت: «رأيتك تثني على تعقلي وذكائي، فإذا كنت عند حسن ظنك فما معنى الوصاية علي؟»
فضحك وقال: «إن الوصاية يا عزيزتي لا تسلبك شيئا من هذه الخلال!»
فقالت: «إنك ملك وقائد، ولك من المهام والأعمال ما يشغلك عن الاهتمام بمثلي، وأنت مقيم بالعراق وأنا بفرغانة، فهل ألقيت أثقال الوصاية عنك؟»
فقال: «كلا ... كلا! إني لا أستطيع أن أخالف وصية أبيك، ومهما تكلفني من الأعباء فهي هينة ما دامت في سبيل خدمتك، وهذه أمنية طالما تمنيتها، وأما البعد بين العراق وفرغانة فأمره سهل، فإما أن تنتقلي إلى العراق أو أنتقل أنا إلى فرغانة، ولا بد من أن نكون معا على كل حال!»
فتحققت غرضه ولكنها لم تشأ أن تفهم مراده فقالت: «لا أرى باعثا على هذا الارتباط يا مولاي.»
فقال وهو يستعطفها: «لا تقولي مولاي.»
فقالت: «يا أبت أو يا عماه، كما تشاء، إني لا أرى داعيا لهذا الارتباط.»
فقطب حاجبيه وابتسم، ثم قرب كرسيه من كرسيها وقال: «إن قولك يا عماه يسيء إلي أكثر من قولك يا مولاي. لماذا لا تخاطبيني كما أخاطبك؟» قال ذلك وأخرج من جيبه عقدا من الجوهر يساوي مالا كثيرا ومد يده نحوها والعقد يتلألأ في كفه وقال: «ما لي أناديك يا عزيزتي فتنادينني يا عمي؟!»
فحولت جهان وجهها عنه وهي تنظر إليه شزرا وتباعد كرسيها، ووضعت يديها وراء ظهرها وقالت: «لا يا سيدي، لا حاجة لي إلى الجواهر، فإني حزينة ولا أرى مع ذلك مسوغا لهذا الخطاب.»
فأظهر استغرابه من نفورها وقال: «أهكذا تعاملين رجلا أقامه أبوك وصيا عليك؟ هبي أني من عامة الناس فاحترمي وصية أبيك.»
Bog aan la aqoon