قال: «صليت العشاء أمس وتوسلت إلى الله أن يلهمني ما فيه خير المسلمين من أمر الروم، ثم نمت فرأيت في رؤياي ما أطار صوابي وأذهب رشدي.»
فظل ضرغام مصغيا يتطاول بعنقه. فمسح المعتصم لحيته وشاربيه وأصلح عمامته الصغيرة على رأسه وقال: «قلت إني رأيت، والحقيقة أني لم أر شيئا، ولكني سمعت صوتا اخترق أعماق قلبي. سمعت امرأة هاشمية أسيرة في بلاد الروم تصيح: «وا معتصماه!» فأجبتها: «لبيك»، واستيقظت وقد علمت أن الله يأمرني بالجهاد وأن أكون على رأس المجاهدين، فخذ أهبتك للسفر وسآمر قوادي يتأهبوا. هل أثق بجندي؟»
فتذكر ضرغام ما كان يبديه من الارتياب في إخلاص الأفشين فقال: «لا سبيل إلى تحقق ذلك، وقد علم أمير المؤمنين أنهم إنما يحاربون في سبيل حطام الدنيا، وقد فتحوا البذ وقضوا على الخرمية وسيفعلون ذلك بالروم.»
فقال المعتصم: «يخيل إلي أنهم لولا ذهابك لم يفتحوه إلا بعد أعوام.»
فخجل من الإطراء وقال: «إذا كان لأمير المؤمنين ثقة بعبده فليجعلني في هذه الحملة ولا يخشى غدرا بإذن الله.»
قال: «وما رأيك في البلد الذي نقصده من بلاد الروم؟»
قال: «إن الصوت الذي سمعته يا أمير المؤمنين خرج من عمورية وهي من أكبر مدائن الروم وعين النصرانية، وفي فتحها نفع للمسلمين.»
قال: «أحسنت.» وتحفز للنهوض، فخرج ضرغام مسرعا إلى وردان يبشره وأخذ في الاستعداد.
الفصل العشرون
فتح عمورية
Bog aan la aqoon