Carl Buber: Boqol Sano oo Iftiin ah
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Noocyada
تأخذ بمنهج أحد الفلاسفة في تصحيح مسارها الاقتصادي، فتكتشف ذاتها الحقيقية، وتنشط من عقالها، وتنطلق انطلاق مارد من قمقمه، وصرنا نرى أمما مجهدة مثل دول أوروبا الشرقية، تدرس فكره السياسي في معاهدها، وتشرع في تطبيقه في بدايات بروزها من وراء الستار الحديدي،
2
وصرنا نرى أمما مزدهرة كاليابان تؤسس رابطة بوبرية لنشر فكره وتطويره من خلال نشرات ودوريات وبرامج تعليمية.
إنه صورة مضيئة لثراء الفكر، ومثال حي لخصوبة الفلسفة.
وأول ما يسترعي النظر في شخصية بوبر الفكرية هو موسوعيته وتعدد جوانبه واتساع مجال اهتمامه ونطاق تأثيره، على أن هناك وحدة جوهرية في رؤيته ومنهجه تجعل من إسهاماته، على تباعدها وتراميها، كلا واحدا منسجما يأخذ بعضه بحجز بعض، وقد درج الباحثون على تناول أعماله الإبستمولوجية والعلمية والاجتماعية كما لو كانت عناصر منفصلة لا يجمع بينها شيء ولا تتصل فيما بينها بسبب، وقد كان لهم في تعدد إنتاجه وغزارة مادته عذر واضح، غير أن هذه الطريقة في معالجة أعمال كارل بوبر جديرة أن تضيع هذا الخيط الواصل بين جميع عناصرها، وجديرة من ثم أن تفلت من أيدينا أهم عمل من أعمال بوبر على الإطلاق - ذلك الترابط الكلي الوثيق، وتلك الوحدة المنهجية الأصيلة.
الفلسفة عند بوبر ليست ترفا ذهنيا أو لعبا عقليا - الفلسفة نشاط ضروري، ذلك أننا جميعا نضمر في عقولنا ما لا يحصى من الأشياء، ونسلم بها تسليما، وكثير من هذه الافتراضات هو ذو طبيعة فلسفية، إننا نتصرف وفقا لها في حياتنا الخاصة، وفي مجال السياسة، وفي مجال العمل، وفي كل مجال آخر من حياتنا، ولكن على حين تعد بعض هذه الافتراضات حقا لا شك فيه، فمن الراجح أن أكثرها زائف، وأن بعضها مؤذ، من ذلك ينتج أن الفحص النقدي لأفكارنا المسبقة - أي النشاط الفلسفي - هو عمل هام من الوجهة الفكرية والأخلاقية أيضا.
ولد كارل ريموند بوبر
K. R. Popper
في الثامن والعشرين من يوليو عام 1902م، في مدينة فينا، التي كانت في ذلك الوقت عاصمة للثقافة في العالم الغربي، انحدر أبواه من أصل يهودي، غير أنهما تحولا إلى البروتستانتية اللوثرية قبل أن ينجبا أطفالهما. نشأ بوبر في مناخ منزلي مفعم بالثقافة معمور بالكتب، فقد كان أبوه حائزا على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة فينا، وكان إلى جانب ممارسة المحاماة أستاذا وباحثا، أتاح هذا المناخ للصبي كارل فرصة التعرف المبكر على المسائل الفلسفية والعلمية والسياسية، والنهل من ينابيع الفكر والثقافة. وقد كان الأب فيما يبدو حريصا على تنشئة ولده على حب المعرفة، وحفزه على قراءة أمهات الكتب الفلسفية، ومناقشته في مشكلات الفلسفة وتجريداتها المعقدة منذ نعومة أظفاره.
أما والدته فقد كانت عاشقة للموسيقى، وتنحدر من عائلة تشكل الموسيقى اهتمامها الأول،
Bog aan la aqoon