Carl Buber: Boqol Sano oo Iftiin ah
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Noocyada
للعلم مطلب صارم، هو تشييد نظريات علمية. ولا يمكن لنظرية أن تعد نظرية علمية مقبولة ما لم تضطلع بتفسير قطاع ما من الظواهر، وما لم تكن قابلة للاختبار. فالنظريات تتيح لنا أن نتخطى الارتباط الغفل بين الملاحظات، إذ تمكننا من تفسير ملاحظاتنا وارتباطاتها بلغة الضرورة القانونية. ولا يكتفي العلم بمجرد وصف الظواهر وارتباطاتها معا، بل يحاول تفسير الظواهر وتفسير ارتباطها. قد يلاحظ المرء مثلا أن الدببة القطبية بيضاء، فبياض الدببة القطبية هو «ظاهرة»
. ثم إن خاصية كونها دببة قطبية وخاصية كونها بيضاء هما خاصيتان «مرتبطتان إمبريقيا»
Empirically Correlated . كل ذلك حسن وجميل، ولكنه ليس تفسيرا. إنه مجرد وصف (هكذا حال العالم). أما التفسير فتأتي به نظرية الانتخاب الطبيعي التي فسرت سر بياض الدببة بين كثير مما فسرته: فللدببة البيضاء من بياضها مزية ترشحها للبقاء وأفضلية على منازعيها في عالمها الجليدي الأبيض.
ومن المزايا الكبرى للنظريات، فضلا عن التفسير، أنها تتيح لنا وضع تنبؤات. وقد كان بوسع البشر، حتى قبل عصر العلم أن يقيموا بعض التنبؤات: فاطراد الليل والنهار، وأطوار القمر، وتعاقب المواسم، كل أولئك كان يسمح لهم بدرجة من التنبؤ منذ زمن موغل في القدم، إلا أن العلم بطبيعة الحال قد وسع كثيرا من مجال قدراتهم التنبؤية.
وللتنبؤ الذكي أهمية كبرى تيسر للإنسان سبل العيش وتمنح بني الإنسان أفضلية بقاء على غيرهم من فصائل الكائنات. إلا أن للتنبؤات أهمية حتى في العلم البحت، فالتنبؤات التي تنتجها نظرية من النظريات هي ما يجعل اختبارها ممكنا. فإذا تعذر اختبار نظرية ما بسبب عقمها من التنبؤات القابلة للاختبار بقيت عديمة القيمة. وقد ركزت بعض المذاهب العلمية كالوضعية المنطقية على فكرة «التحقيق»
Verification
كمعيار للعلم ومحك لصدق النظرية وإثباتها بالملاحظة والتجربة. إلا أن كارل بوبر يبدهنا بغير ذلك فيقول إن مجرد التحقيق ليس شيئا، وإن التحقيق لا يؤدي إلى تقدم العلم ولا يحفز الكشف العلمي الأصيل. (1) التحقيق والتكذيب
يمكننا أن نفسر العلاقة المنطقية بين التحقيق والتكذيب كما يلي (وسوف نستخدم ارتباطا تجريبيا بدلا من نظرية حقيقية توخيا للتبسيط): تتنبأ النظرية القائلة بأن الدببة القطبية يجب أن تكون بيضاء بأن الدب الذي سأراه في المرة القادمة سيكون أبيض، فإذا حدث أن كان الدب القادم أبيض حقا فقد يغريني ذلك بأن أقول إن مشاهدتي هذه تحقق النظرية، ولكن الحقيقة أن هذه المشاهدة لا يمكن أن تعد برهانا نهائيا على صدق النظرية، ذلك لأن هناك احتمالا سيظل قائما أبدا بأن يأتي دب قادم في رتل الملاحظة غير أبيض، وإذا حدث هذا تكون هذه الملاحظة بمفردها كافية لتكذيب النظرية بصفة نهائية. «هكذا يتبين لنا أن التحقيق لا يحسم أمر النظرية، بينما التكذيب يمكن أن يكيل للنظرية ضربة واحدة قاضية.» (2) مفارقة التأييد (التحقيق)
توضح لنا هذه المفارقة (وتسمى أيضا مفارقة الغربان
Ravens Paradox ) مدى التعقد الكامن في منطق التحقيق: إن التعميم «جميع الغربان سود» مكافئ منطقيا ل «جميع الأشياء غير السوداء ليست غربانا». وبما أن الدليل المؤيد لعبارة هو مؤيد أيضا لمكافئاتها المنطقية، فإن وجود دب قطبي أبيض ما (وهو ليس أسود وليس غرابا) يجب إذن أن يدعم التعميم بأن كل الغربان سود! وهي مفارقة واضحة تتجنبها الآراء المنادية بالتكذيب كمعيار أساسي للعلم، فوجود دب قطبي أبيض لا يمكن أن يكذب التعميم المذكور، بعكس وجود غراب أبيض.
Bog aan la aqoon