Carl Buber: Boqol Sano oo Iftiin ah
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Noocyada
يقول هيجل بوضوح: إنه لم يهتم في تحليله لفكرة الدولة بأن يفحص دولا تاريخية معينة ، ولا الشروط التي توجد فيها دول معينة وتمارس نشاطها، وإنما هو يهتم بتحليل فكرة الدولة أو بعينية أكثر كيف نفهم الدولة كشيء عقلي؟ وهو لا يفعل ذلك على نحو مجرد أو على نحو يوتوبي خيالي، وإنما بنظرة نقدية إلى الطبيعة البشرية من ناحية والتاريخ الفعلي للدول في العالم من ناحية أخرى، في تصديره لكتاب «فلسفة الحق» يقول هيجل: «هذا الكتاب إذن وهو يحتوي على علم الدولة لا يريد أن يكون أكثر من محاولة لفهم الدولة ورسم صورة لها بوصفها شيئا عقليا في ذاتها، ولا بد له بوصفه عملا فلسفيا أن يكون بعيدا عن محاولة بناء دولة ما على نحو ما ينبغي أن تكون عليه الدولة. والدرس الذي يتضمنه لا يمكن أن يعتمد على تعليم ما ينبغي أن تكون عليه الدولة، إنه لا يبين إلا الكيفية التي ينبغي أن تفهم بها الدولة بوصفها عالما أخلاقيا.»
11 (2-2) أوجه الشبه بين هيجل وبوبر
على الرغم من ذلك اللدد والعداء الشديد، فإن بوبر يعود في كتابه الأحدث «المعرفة الموضوعية»، فيعترف أن هيجل قد سبقه في كل من نظرية المعرفة الموضوعية نفسها، والمخطط التطوري لنمو المعرفة (بدءا من مشكلة ما، ومرورا بحل اختباري للمشكلة، ثم نقد لهذا الحل، وانتهاء بمشكلة جديدة). ومهما حاول بوبر إبراز الفروق فإن تلامذة هيجل لن يجدوا صعوبة في تبين التصور البوبري للمعرفة في هيجل، والديالكتيك الهيجلي في بوبر، يدعي بوبر أن هناك فارقا كبيرا بين الديالكتيك الهيجلي وبين مخططه لتقدم المعرفة، غير أن هذا الفارق قائم على فكرة خاطئة تقول بأن النظام الهيجلي يحتمل التناقضات، بينما لا يحتملها مخطط بوبر، فالحق أن هيجل لا يقبل التناقض أكثر مما يقبله بوبر، ووفقا لهيجل فإن استحالة احتمال التناقض في أي مرحلة من المراحل يدفعنا إلى التقدم إلى وضع آخر يمكن أن يوفق بين وجهتي النظر المتناقضتين سابقا، عندئذ تبرز تناقضات جديدة وتتكرر نفس العملية، ومجمل القول: إن التوازي بين فكرتي هيجل وبوبر شديد الوضوح، وأن سلطان هيجل العقلي قد شمل بوبر نفسه من حيث لا يدري، وأن حال بوبر في ذلك يذكر بقول النابغة للنعمان:
وإنك كالليل الذي هو مدركي
وإن خلت أن المنتأى عنه واسع (2-3) نقده لماركس
من المتفق عليه أن بوبر قدم أعنف نقد وجه إلى الماركسية منذ نشأتها، وأنه كان موفقا فيه إلى أبعد حد. ويتميز نقد بوبر لماركس بأنه موضوعي يخلو من القدح والسباب ولا يتناول شخص الخصم دون حجته، بل هو نقد منصف في مجمله يعرف لماركس قيمته الفلسفية ويقدر نبل نواياه وسلامة مقاصده.
غير أن ماركس شخصية تميزت بتعدد الجوانب ومرت بتطورات فكرية جارفة، فاختلف فهم الناس لها في حياتها، ثم تعرض مذهبه لتحولات أعنف بعد وفاته فاختلفت تصورات الناس لهذه الشخصية اختلافا خلق فجوة هائلة بين الحقيقة والأسطورة، ثمة إذن أكثر من ماركس في أذهان الناس، سواء كانوا من أتباعه أو من خصومه، ترى أي «ماركس» ذاك الذي تناوله بوبر بالنقد في «المجتمع المفتوح»؟
يبدو لنا ماركس في «المجتمع المفتوح» مفكرا «حتميا»
Determinist
متصلبا يعتقد أنه اكتشف القوانين الصارمة للأقدار البشرية، تلك القوانين التي لا نملك حيلة إزاءها، فالنسق الاجتماعي هو الكل في الكل، ونحن فيه مجرد دمى تحركها خيوط اقتصادية، ولا تملك من أمرها شيئا، وماركس شأنه شأن كل تاريخاني مخلص، يفترض أنه اعتبر نفسه في وضع نبي يتنبأ بالمصير المحتوم للتاريخ البشري.
Bog aan la aqoon