Carl Buber: Boqol Sano oo Iftiin ah
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Noocyada
Nature ، و«العرف»
Convention (الاتفاق، المواضعة، الاصطلاح)، تلك التي تواجهنا هنا مرة ثانية. فلا الطبيعة ولا التاريخ يمكن أن ينبئنا بما ينبغي علينا أن نفعل. فالوقائع
Facts
سواء كانت وقائع الطبيعة أو وقائع العلوم، لا يمكنها أن تصنع القرار لنا، ولا يمكنها أن تحدد الغايات التي سيقع عليها اختيارنا. إنما نحن من يدخل الغاية والمعنى في الطبيعة وفي التاريخ. الناس ليسوا سواسية «بالطبيعة»، غير أن بوسعنا أن نقرر أن نقاتل من أجل مساواة في الحقوق. والمؤسسات الإنسانية، من مثل الدولة، ليست عقلانية، ولكن بإمكاننا أن نقرر أن نناضل لكي نجعلها أكثر عقلانية. نحن أنفسنا، ولغتنا العادية، فينا من الانفعال أكثر مما فينا من العقل، ولكن بمقدورنا أن نصبح أكثر عقلانية وأن نروض أنفسنا على استخدام اللغة لا كأداة للتعبير عن الذات بل للتواصل العقلي.
هذه الثنائية «الوقائع، والقرارات» هي ثنائية أساسية. الوقائع، بوصفها وقائع، ليس لها معنى، ولا تحظى بالمعنى إلا من خلال قراراتنا. إن التاريخانية مجرد واحدة من محاولات كثيرة للتغلب على هذه الثنائية. إنها وليدة الخوف، لأنها ترتعد من إدراك أننا نحمل المسئولية الكاملة حتى عن المعايير التي نختارها. غير أن هذه المحاولة تمثل ما يوصف دائما على أنه «خرافة»، لأنها تفترض أن بإمكاننا أن نحصد حيث لم نزرع. وتحاول أن تقنعنا أننا إذا اكتفينا بمسايرة التاريخ حيث يسير فإن كل شيء سيكون على ما يرام، دون أي قرار جوهري من جانبنا. تريد أن ترفع عنا المسئولية وتضعها على كاهل التاريخ، ومنه إلى رواية القوى الشبحية خارج أنفسنا، وتريد أن تؤسس أفعالنا على المقاصد الخفية لهذه القوى، والتي لا تتكشف لنا إلا بإلهامات باطنية أو بحدوس صوفية. وبذلك تضع أفعالنا وتضعنا على المستوى الأخلاقي لرجل يتخير رقمه المحظوظ في اليانصيب بوحي من خرائط البروج ومن الأحلام. التاريخانية كالقمار، هي وليدة يأسنا من العقل ومن مسئولياتنا عن أفعالنا، هي أمل زائف وإيمان ممذوق، ومحاولة للاستعاضة عن الأمل والإيمان اللذين ينبعان من أريحيتنا الأخلاقية وازدرائنا للثروة، بيقين ينبع من علم زائف بالطالع، وبالطبيعة البشرية، وبالمصير التاريخي.
49
التاريخانية وريثة مذاهب عتيقة وغائية بدائية تترجم شعور الإنسان القديم بأنه يساق نحو المستقبل بتأثير قوى لا يعرفها ولا يملك مقاومتها. إنها تبلور ذلك الخوف نفسه، والعجز نفسه. يبدو أن التاريخانيين يبشرون بالتغير في مناورة التفافية لاحتواء خطره وكبح جماحه. لعلهم خائفون من التغير، أو أنهم يريدون أن يروضوا التغير ويحبسوا مارده في مصطلحات من صنعهم وتصورات من وهمهم، أو أنهم على حد قول بوبر في خاتمة «عقم المذهب»: «يحاولون تعويض أنفسهم عن فقدان عالم لا يتغير فيتشبثون بالاعتقاد بأن التغير يمكن التنبؤ به لأنه محكوم بقانون لا يتغير !» (23) التقدم يعتمد على الديمقراطية
ربما تكون قلة منا نحن الأثينيين هي القادرة على وضع السياسات، لكننا جميعا نملك القدرة على الحكم عليها، وبدلا من أن ننظر إلى الحوار على أنه حجر عثرة في طريق الفعل، فنحن نراه مقدمة لا غنى عنها لكل فعل سديد على الإطلاق.
بركليز
يفند بوبر في «عقم المذهب التاريخي» النظرية السيكولوجية في التقدم التي قال بها مفكرون مثل أوغست كونت، وجون ستيوارت مل. اعتقد كونت أن قانون التقدم يمكن استنباطه من ميل في طبيعة البشر يدفعهم إلى طلب الكمال أكثر فأكثر. ويتبعه مل في ذلك ويدفع بنظريته التي أسماها «تقدمية النفس الإنسانية»، هذه النفس التي يقول إن أول «قوة دافعة فيها ... هي الرغبة في تحقيق الرخاء المادي.» أما بوبر فقد اتخذ في ذلك منهجا أسماه «التحليل النظمي أو المؤسساتي (التكنولوجي) لشروط التقدم.» ولكي نعثر على شروط التقدم، فإن ذلك يقتضينا أن نحاول أن نتخيل الظروف التي يترتب على تحقيقها وقوف التقدم!
Bog aan la aqoon