============================================================
معين، ولذلك وجد الاختلاف في الإشارة إليه، وهو اختلاف لا يمكن الجمع فيه على تقدير كونه وصفا لأمر واحد، إذ منهم من جعله فوق القلب دون الروح وجعل ما فوق الروح الخفي: ومنهم من جعله بعد الروح - أي فوقه - يعني أنه ألطف منه وقالوا في الاستدلال على أنه فوق الروح السر محل المشاهدة حتى إذا فني صار الخفي، والروح محل المحبة وهي قبل المشاهدة، لأن المشاهدة إنما هي اليقين الحاصل عن غلبة المحبة، والقلب محل المعرفة التي هي من أسباب المحبة، وانما كان محل المعرفة أن له وجها إلى الروح ووجها إلى النفس، وهما - أي الروح والنفس- مذركان أحدهما للمعقولات وهو الروح، والآخر للمحسوسات وهو النفس.
دليل عدم استقلال السر بالماهية: ويدل عدم استقلال السر بالماهية أن السر على تقدير كونه مستقلا من الأمور العظيمة فلا بد من ذكره في الكلام القديم، ولم يذكر فيه إلا الروح والقلب مع أنه ذكر ما هو أدنى منه، ويدل على عدم اختصاصه اختلاف أهل الكشف اختلافا لا يمكن الجمع فيه على تقدير كونه مختضا بأمر واحد مع إنهم هم أهل الكشف، والكشف يمتنع فيه وقوع الخطأ المطلق، ولذلك لم يردوا ذوقا جاء به واحد منهم بالكلية بل يخمل عندهم ولو على بعد على وجه صحيح تقبله الحضرة الإهية. نعم. من حصر الأمر في مشربه رد عليه حصره، وغالبا لا يفعل ذلك إلا من غلب عليه سكره، وإذا كان كذلك فنقول والله أعلم: الذي سموه سرا ليس هو شيء مستقل بنفسه، ومعنى المستقل: أن يكون له وجود وماهية غير تابعة لأمر آخر، كالؤوح والنفس لهم وجود وماهية غير تابعين لأمر آخر.
Bogga 51