Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Noocyada
سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم (261))
قوله تعالى : ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) وقع عليه السلام في طلب مشاهدة القدرة صرفا ليرى بنورها مشاهدة القادر في المقدور ، وأيضا تعجبه في القدرة ليس بشك ؛ ولكنه تلون الخاطر ونقله من مقام الإيمان إلى مقام مشاهدة الحال في ظهور البرهان ، وأيضا خاض في بحر التفكر لطلب در المعرفة ، والفرق بين سؤال إبراهيم وعزير عليهما الصلاة والسلام أن إبراهيم عليه السلام كان في محل التمكين فأراه الله تعالى مشاهدة القدرة في غيره ، وكان عزير عليه السلام في محل التلوين فأراه الله مشاهدة القدرة في نفسه حتى يباشر قلبه نور الصفات ، فيشاهد حقيقة فعل القديم ، ويصير محكما في محل التمكين ، وأيضا مقام الخليل عليه السلام مقام الانبساط ، ومقام عزير عليه السلام مقام التحير ، فانبسط الخليل عليه السلام وسأل مشاهدة الصفات في لباس الآيات ، فأراه ما سأله في غيره ؛ لأنه مملوء من أنوار القدرة ، فيطلب مزيدا على حاله ، وتعجب عزير عليه السلام نبي الله من غاية تحيره في أسرار الربوبية ، فأراه الله الآيات في نفسه تأديبا له ؛ لأن أهل الانبساط ليس بمؤاخذين كخليل الله عليه السلام ، وأيضا سؤال الخليل عليه السلام في طلب المشاهدة وتعجب عزير عليه السلام تحير في كمال القدرة بطلب الآيات تثبيتا للوحدانية ، وأيضا مقام الخليل عليه السلام مقام اتحاد تجلي الصفات ، ومقام عزير عليه السلام مقام اتحاد تجلي الأفعال فتجلي الصفات باشر قلب الخليل عليه السلام لقوله : ( ولكن ليطمئن قلبي ) وتجلي الأفعال باشر صورة عزير عليه السلام ليكون له تحصيل العلم بقدرة القادر لقوله : ( أعلم أن الله على كل شيء قدير ) وأيضا خص الخليل عليه السلام بتجلي الصرف بلا آيات في نفسه ، فلا يحتاج إلى أن يميته ثم يحييه ؛ لأن الحق يتجلى له في نفسه بلا واسطة الآيات ، ولكن يحتاج أن يرى الحق في غيره فيختص بالمنزلتين الصرف والالتباس ، ولم يكن لعزير عليه السلام مشاهدة الخاص ، فيحتاج أن يراه في نفسه بواسطة موته وحياته ، وفي غيره يعني في الحمار واللبن والثمار ، ليكون له مقامات وإن لم يكن صرفا كمشاهدة إبراهيم عليه السلام وهو بعد ما رأى من نفسه ما رأي فقيل له : ( فانظر إلى طعامك وشرابك ) وهو مشاهدة الله في غيره ، وأيضا بلغ الخليل عليه السلام مقام كشف المعاينات في الحياة ، وكشف له ملكوت الأشياء لأجل اقتباسه نور مشاهدة الحق في الآيات ، ولم يضطر إلى أن يغيب روحه من الحواس حتى يرى صرف العين ؛ لأنه في حال الصحو ، ولم يبلغ عزير في ذلك الزمان مقام العيان ، فأنجاه الله إلى غيبته عن الصورة بنعت الغشيان ليرى في حال غيبته مشاهدة الحق ؛ لأنه في حال السكر ، فلما انتبه رأى في صحوه ما رأى في سكره ، لكن ما رأى في السكر وحال الغيبة مشاهدة الروح ، وما رأى في الصحو مشاهدة العيان.
وقيل : أري إبراهيم عليه السلام إحياء الموتى في غيره ، وأري عزير عليه السلام في نفسه ؛ لأن الخليل عليه السلام
Bogga 105