Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Noocyada
قال بعضهم : ( إني متوفيك ) عن حظوظك ، ورافع شخصك إلي ، ومطهر سرك من مطالعة الأغيار والأعواض بالكلية ، ومما سمح لي في هذه بالبديهة بعد ذكر المشايخ رضوان الله عليهم ، ( إني متوفيك ) غيرة حتى لا ينظر إليك بنعت المحبة غيري ، ( ورافعك إلي ) بنعت العشق ، ( ومطهرك ) من التفاتك إلى الملكوت ؛ لأن من شرط اتحاد الحبيب بالمحبوب ألا يدخل بينهما من الحدثان ، فإذا كان العارف بلغ مقام صرف التوحيد يتشعشع نور جمال الحق من وجوده فسجد له الكون ، ومن فيه بالظاهر طوعا وكرها ؛ لأن من رأى حسن جلال الحق بالواسطة ، ولم يبلغ حقيقة تحقيق المعرفة يصير مشبهيا بوقوعه في الوسائط لأجل ذلك رفع روحه إليه حتى يستقيم نظام الشريعة ولم ينسخ أحكام السنة ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) خلق الله الأرواح القدسية من معادن الربوبية ، وجللها بنور المشاهدة فصارت تلك الجواهر من أصل واحد ، وإن كان تتفاوت في المقامات وصورة البشريات فروح آدم من الملكوت خلق ، وجميع ذريته من الأنبياء والصديقين معها ، فذكر الله تعالى ما صنع بروح آدم من تخصيصها بالقربة والكرامة والمشاهدة والعلم والمكاشفة والتفريد والتوحيد فذكر أن روح عيسى في منازل القربات مثل روح آدم بما ذكر من تخصيصها ، فقال لآدم عليه السلام : ( ونفخت فيه من روحي ) [ص : 73] ومثل هذا قال لعيسى عليه السلام لكن شرف آدم عليه السلام بإضافة خلق صورته إلى نفسه فقال : ( خلقت بيدي ) [ص : 75] وأنه أسجد له ملائكته تخصيصا أو تشريفا من جميع الخلق لهذه المنزلة ، وقوله : ( خلقه من تراب ) دفعا لتهمة الجهلة حتى لا يظنون قدحا في الربوبية.
قال الأستاذ : حضهما بتطهر الروح عن التناسخ في الأصلاب ، وأفرد آدم بصنعة اليد وعيسى بتخصيص نفخ الروح فيه على وجه الإعزاز ، وهما وإن كانا كبيري الشأن فنقض الحدثان والمخلوقية لازم لهما ، قال الله تعالى : ( ثم قال له كن فيكون ) قوله : ( فلا تكن من الممترين ) طيب الله تعالى هذا قلب نبيه عليه السلام أي : كما كنت قادرا بخلق آدم وعيسى بكلمتي وقوة سلطاني فأعطيتك بما وعدتك من كمال دينك وشريعتك وتمام نعمة المعرفة عليك وعلى متبعيك فلا تكن ملهوفا من خطرات نفسك.
قال بعضهم : ( الحق من ربك ) ألا يظهر شيئا من المكونات إلا من تحت ذل ( كن ) فلا تشكن فإنه منفرد بأسمائه وصفاته لا ينازعه في صفاته أحد من عبيده وخلقه.
وقال الأستاذ : الحق من ربك يا محمد فلا تشكن في أنه لا يماثله في الإيجاد واحد ، ولا على إثبات سببه لمخلوق قدرة فالموجودات التي حقت بوجودها عن كتم العدم من الله عز
Bogga 153