Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Noocyada
زكريا )؛ لأن خدمة الأولياء لا تحصل إلا من الأولياء ، وأيضا أنه يوافقها في جميع أحوالها من الخلوة والمراقبة والسر والنجوى والمشاهدة والمكاشفة ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ) يرزقها الله تعالى زرق الجنة في الخلوة مكافأة للخدمة والعفة كرامة لها حتى لا يشغلها تولاه المخلوق ، ويكون في حقيقة التوكل ما فيه من الالتفات إلى غير الحق ، وإن كان نبيا مرسلا.
وقال الأستاذ : إذا دخل عليها زكريا بطعام وجد عندها رزقا ليعلم العالمون أن الله سبحانه لا يلقي شغل أوليائه إلى غيره.
وقال : من خدم وليا من أوليائه كان هو في رفق الولي لا أنه يكون عليه مشقة لأجل أوليائه.
وقال : في هذه إشارة لمن يخدم الفقراء لا أن الفقراء تحت خلقه ( أنى لك هذا ) أي : بأي عمل أوجدت هذا ( قالت هو من عند الله ) أي : خالصا وجدته لا يكلفه العمل ، وعلة الكسب.
وأيضا خاف عليها أن تلك المنزلة من حيل الشيطان ففتش أحوالها حتى يعلم حقيقة صدقها ، فقال : ( أنى لك هذا ) (1) قالت : ليس كما خطر ببالك إنه من خصائص كرامات الله التي وهبها لي ليس فيها شيء من مخيلات الشيطان.
وقال الأستاذ : لم يكن يعتقد فيها زكريا استحقاق تلك المنزلة ، وكان يخاف أن غيره لعلة انتهز فرصة تعهدها وسعة بكفاية شغلها ( هنالك دعا زكريا ربه ) إذا دخل زكريا على مريم وجد عندها من فواكه الألوان علم أنها من نفائس كرامات الله تعالى فتحرك فيه غيرة النبوة ، وسكن هناك في الخلوة ، وطلب من الله تعالى ولدا فأعطاه الله ما سأله.
وأيضا نظر بنور النبوة في مريم فأبصر فيها نور عيسى صلوات الله عليهم أجمعين يتشعشع في مريم ، ورأى كرامته عند الله فتمنى عليه ولدا مثل عيسى فناجى ربه بلسان الاضطرار ، وسأل عنه يحيى عليه السلام مشكاة الأنوار ؛ فاستجاب الله تعالى دعوة شيخ الأنبياء شفقة
Bogga 146