هذا الكاتب العربي
أخذت أنوال الزمن تنسج خيوطها، متفاوتة في قوتها، متباينة في ألوانها، مدى ثمانية عقود من السنين، فكان الذي نسجته هو هذا الكاتب الذي يتقدم إليك بهذا الحديث، وبأحاديث أخرى يتوالى ظهورها بإذن الله تعالى؛ لعله يوفق إلى صورة يتمناها للمواطن العربي، تتألف فيها العناصر تألفا يصون له وحدته وشخصيته، ثم تتيح له التفوق والنصر في هذا العالم الذي كثرت سباعه وضباعه يضرس بأنيابها من لم يحاذر - كما قال شاعرنا زهير في قديم الزمان. وإذا كان هذا هو موضوع هذا الحديث وما سوف يتلوه، فلا منجاة لنا من اختلافات في الرأي بين كاتب وقارئ، وبين قارئ وقارئ؛ إذ الحديث عن المواطن العربي وكيف يجمل به أن يكون، إنما هو حديث مباح لكل من فك الخط ومن لم يفكه على حد سواء لحسبانه حديثا هينا لينا، في وسع كل إنسان أن يدلي فيه بدلو مع سائر الدلاء؟ ومن هنا أخذ هذا الكاتب حيطته منذ الكلمة الأولى، فجعل العنوان العام يشير في صراحة إلى أن الرأي المعروض - في هذا الحديث وفيما يجيء بعده من أحاديث - رأي ل «عربي» ولكل عربي آخر أن يقول ما شاء، فذلك لن ينفي أن «عربيا» ما كانت له رؤية فيما يجب أن يتألف في كيان المواطن العربي من عناصر.
لم يكد هذا الكاتب يبدأ في ترتيب أفكاره التي يريد عرضها، حتى ظهرت له صورة من طفولته الباكرة، تصلح أن تكون نقطة البدء؛ فلقد تذكر يوما كان فيه تلميذا في السنة الثانية الابتدائية، وكان الدرس درسا في اللغة الإنجليزية، وكان موضوع المطالعة بضعة أسطر جاءت في كتاب المطالعة وتحت صورة لحصان وقف بجوار غلام، وقرأ أحد التلاميذ السطر الأول، وكانت هذه هي كلماته:
What a Nice Horse Ahmed Has .
فقال المدرس: كيف ترون الترجمة العربية لهذه الجملة؟ فرفعت الأصابع تريد الإجابة، وطلب المدرس من كل تلميذ أن يجيء بما عنده، ثم دار الأمر على النحو التالي:
التلميذ الأول :
أحمد عنده حصان جميل.
المدرس :
لا، هذه عبارة لا تكفي.
التلميذ الثاني :
Bog aan la aqoon