عرفت شابا كان في هذه الزعزعة الأولى التي لم يتعرفها أبواه لجهلهما؛ فإن الضغط كان ثقيلا عليه، فكره الدنيا، وصار يختلي، واستسلم للفساد الجنسي الانفرادي يرفه به عن ضيقه، وكان يحلم ويتخيل كي يتعوض برفاهية الخيال والحلم من مشاق الحياة الواقعة.
ولو عرف أبواه هذه الأعراض الأولى، ولو أنه عولج بالترفيه والتفريج لنجا، ولاستطاع أن يواجه مشاق الدنيا، ولكنهما جهلا ذلك.
ثم جاء التهاب الثقاب الذي يشعل البيت كله ويحطمه، ذلك أن هذا الشاب وهو في هذه الزعزعة الابتدائية، رأى أبويه وهما في وضع الزوجين، فرعب رعبا عظيما، وطلق الدنيا، قاطعها، وانطوى على نفسه؛ فإذا وقفت أمامه لم يحس بك، وإذا كلمته لم يسمعك.
إنه قد عالج نفسه من هذه الدنيا البغيضة، من هذا الإرهاق بالدروس، والقلق خوفا من الرسوب في الامتحانات، ومن هذا الكظم الذي لا يطيقه، ومن هذه الأسوار التي توضع حوله حتى لا يتمتع بالاختلاط والمسرات والنزهات والمجلات؛ عالج نفسه أولا بمقاطعة هذه الدنيا بالاختلاء، ثم رأى منظرا أرعبه فانتهى إلى هذا القرار الحاسم، وهو أن دنياه الداخلية - دنيا الخيالات والأحلام - نضرة جميلة، فهو يلجأ إليها ويحيا فيها، ويتجاهل هذه الدنيا المادية الواقعية تجاهلا تاما، تضع أمامه الطعام فلا يأكل ولا يشرب، بل هو قد لا يرى الطعام أو الشراب، ولذلك يوضعان له في أنبوبة تسلك من أنفه إلى معدته، وهو لا يحس جوعا أو شبعا.
لقد رأيته، وقص علي أبوه ألوان الضيق والإرهاق والكرب والحرمان التي عاناها هذا الشاب من قبل؛ لا مجلة يقرؤها، ولا فسحة يتنزه فيها، ولا زيارة لحديقة الحيوان، ولا نقود ينفقها، ولا هواية يحبها ويقضي فيها بعض وقته، ولا سينما، ولا ... ولا ... دروس، دروس، دروس فقط، دنيا ملعونة، وحياة محرومة، كرههما هذا الشاب، فاختلى وصار يرفه عن نفسه بالفساد الجنسي الانفرادي.
وإلى هنا كان سليما، ولكنه كان مزعزعا، وفي أثناء هذه الزعزعة رأى أبويه زوجين، فطلق الدنيا وخيم الظلام فأطفأ نور عقله.
ولو أنه كان سليما لم يتزعزع لاستطاع أن يتحمل هذا المنظر الشاذ الذي أشرت إليه، ولو أنه كان يختلط بالجنس الآخر لاستضاء عقله، وكان يمكنه أن يتحمل أكثر، ولو أنه كان قد ثقف شيئا من الثقافة الجنسية وعرف كيف يولد الأطفال لما أنكر ما فعله أبواه.
ومكانة الأم كبيرة جدا في قلوب الأبناء، هي طاهرة، وابنها هذا لا يطيق رؤيتها وهي ساقطة في هذه النجاسة، ساقطة، امرأة ساقطة، الأمومة طاهرة يجب أن تنأى عن النجاسة، عن العورة، ولكلماتها العربية أثر سيئ في كل ذلك. •••
اعتبر هذه الحادثة التالية:
لقد رأيتها أيضا، كانت فتاة في العشرين، جميلة فوق المستوى، وجه صبيح وشعر ذهبي وابتسامة مشرقة، وكانت إيماءة الدلال التي تعلمتها - لأن والديها دللاها - لا تقاوم.
Bog aan la aqoon