تغييرات تلك الألوان بانعكاسها من رماد البراكين، ويقول: «إننا ولا ريب نشط كثيرا حين نقرر أن تغييرات اللون على سطح المريخ دليل قاطع على وجود الأكسجين الطلق ولو في الماضي، وأن الأكسجين الطلق يستلزم وجود النبات. وأبسط من هذا على التحقيق أن يقال إن الأكسجين الطلق الذي جاء من الشمس قد استوعبته الصخور، كله أو معظمه، ولا موجب هنا لفرض وجود النبات.»
ونحن لا نريد في هذه العجالة أن نستغرق كثيرا من الصفحات في هذه الخلافات التي لا نهاية لها، فما من شرط من شروط الحياة على كوكب آخر قد خلا من خلافات كهذه بين أكبر المختصين بالبحث في هذه الأمور، ولهذا نكتفي بسرد أمثلة من الخصائص التي تلائم ظهور الحياة ولم يثبت وجودها على كوكب آخر كما ثبت وجودها على الكرة الأرضية، فهي إما معدومة في الكواكب الأخرى أو موجودة بالمقدار الذي لا يكفي ولا يفيد، أو هي متفرقة لم يتم لها التوافق والتركيب الذي هو أهم من مجرد وجودها هنا وهناك بالنسبة إلى البنية الحية.
فمن هذه الخصائص وجود الماء الغزير، وانحلال الملح الصالح فيه دون الأملاح السامة، ووجود النبات الذي يمثل الطعام للأحياء على اليابسة، ووجود الكربون وأكسيده الثاني على حالة لا يمحوها الجو المحيط بالكوكب، وقيام هذا الجو على حالة من الكثافة والانجذاب إلى الكوكب بحيث لا يكظم ما تحته ولا يطير شعاعا في الفضاء، وليس يتحقق ذلك إذا كان الكوكب عظيما كالمشتري وزحل، فإن الكربون في هذه الحالة يوجد على شكل غاز الميثان (Methane)
فلا يصلح مصدرا للكربون الذي يلائم المادة الحية، وليس يتحقق كذلك إذا كان الكوكب صغيرا كعطارد والقمر فإن ثاني أكسيد الكربون لا يوجد في هذه الحالة وقد ينعدم الجو على الإطلاق.
6
وينبغي أن تبدأ الملاءمة للحياة من الأدوار الأولى حيث تتكون الخلية التي تدخل في بنية الأحياء العليا أو كما جاء في كتاب سيرة الأرض
7
لمؤلفه جورج جامو إذ يقول:
من النقط الهامة التي ينبغي أن تدخل في الحساب عند كل بحث في طبيعة الحياة والنبات أن الخلية الأولى تتألف مما يسمى بالمحلول الغروي (Colloidal solution)
أي من مواد عضوية مختلفة في الماء. وهذه المحلولات الغروية - عضوية أو غير عضوية - مستحلب دقيق جدا من ذريرات مشحونة بالكهرباء تتماسك على بعد بفعل تلك الشحنة ، وتبقى في الماء طويلا لأن الماء الصرف موصل رديء، فإذا أخذنا محلولا غرويا من الذهب مثلا وأضفنا إليه بعض الملح حتى تزيد قابلية الماء للتوصيل فقدت الذريرات شحنتها وأسرعت إلى التلاصق والانضمام ... ويمكننا أن نحدث هذا التلاصق أيضا بضم محلولين كل منهما له شحنة مضادة لشحنة الآخر ... أما المحلول الغروي من المواد العضوية فمن خاصته أن خلايا الكربون المركب على ألفة كيماوية مع الماء ... وأن نتيجة قيامه في الماء على الأبعاد المطلوبة ... تحول دون فقدان الشحنة الكهربية ...
Bog aan la aqoon